الرأي

«الملفات الحمراء» في الإعلام وقضايا المرأة!

«الملفات الحمراء» في الإعلام وقضايا المرأة!




كانت ندوة مثمرة تلك التي نظمتها مشكورة اللجنة النسائية لدانات المملكة التابعة لجمعية بصمة خير والتي حملت عنوان «الإعلام وقضايا المرأة»، وأدارها عدد من الشخصيات الإعلامية النسائية ومن ضمنها أختكم كاتبة المقال.
الندوة تناولت العديد من المحاور والملفات المهمة في مجال الإعلام بمختلف وسائله المسموعة والمرئية والمكتوبة، وقد خدمتنا الندوة في فهم بوصلة اهتمامات المرأة البحرينية وقضاياها وحاجتها من الإعلام خاصة الصحافة، وقد استشفينا من خلال اللقاء أن هناك الكثير من الهموم التي تحملها المرأة البحرينية والتي عبرت عنها النساء الحاضرات بالندوة، ومن ضمن التساؤلات التي طرحت خلال الندوة ولفتت الانتباه: بالأصل ما هي قضايا المرأة؟ هل تعي المرأة البحرينية اليوم حقوقها كاملة؟ ما الذي تحتاجه المرأة في مملكة البحرين من حقوق وخدمات ترى أنها لاتزال محرومة منها؟ ثم لماذا بعض وسائل الإعلام كالمسلسلات الخليجية مثلاً دائماً ما ترسخ صورة ذهنية خاطئة عن المرأة ولا تظهر حقيقتها في المجتمع؟
معظم المشاكل التي تداولت كانت تدور في فلك المشاكل الزوجية وحاجة المرأة للعمل وتمكينها اقتصادياً مع ضمان حقوقها ومراعاة حاجتها للاستقرار الاقتصادي حتى تحظى بالاستقرار الأسري. لقد سلطت الندوة بشكل غير مباشر الضوء على حاجات المرأة البحرينية الحقيقية ومطالبها، وإذ إننا كنا دائماً ما ننادي بأهمية أن تنزل الجهات القائمة على حقوق المرأة ودعم تمكينها في المجتمع إلى ربات الأسر وإلى عموم نساء البحرين على مختلف شرائحهن ومستوياتهن التعليمية والاقتصادية والاجتماعية وأن تسعى لاختراق المجتمعات النسائية المنعزلة عن الأضواء في جميع المدن والقرى، بعيداً عن الوجوه المتكررة من النخب والقيادات النسوية التي لا تكون تحدياتهن أو مطالبهن كمثل المرأة البسيطة أو ربة المنزل أو العاملة في وظائف مهنية لا تسلط عليها الأضواء، وأن تكون هناك لقاءات مباشرة بين قيادات تمكين المرأة وبين مختلف الشرائح المجتمعية من النساء للاطلاع عن قرب على هموم المرأة البحرينية وحقيقة احتياجاتها والاستماع إلى صوتها وإشعارها أن هناك من يتواصل معها ويستمع إليها ويهتم بمشاكلها، حتى نضمن وضع الإصبع على مكمن الجرح وحتى نضمن أن الجهات القائمة على تمكين المرأة قد وصلت إلى جميع نساء البحرين، فالمرأة نصف المجتمع وأساس تنمية أجياله من قادة المستقبل.
مناسبة هذا الكلام أنه جاء تزامناً مع يوم المرأة البحرينية الذي صادف يوم أمس الخميس 1 ديسمبر، والذي تحتفي به مختلف جهات مملكة البحرين، وقد حمل هذه السنة شعار «المرأة في المجال القانوني والعدلي»، ولن نتحدث عن إنجازات المرأة في هذه الميادين فقد كفت ووفت الجهات القائمة على شعار هذا العام، إنما سنتحدث عن جانب آخر، وهي حاجات المرأة البحرينية من الناحية القانونية في مملكة البحرين، والتساؤل إن كانت هناك بعض القوانين تعرقل مسألة تطورها أو ضمان عيشها بطريقة مستقرة إلى جانب وجود قوانين تحوي بعض البنود التي هي بحاجة إلى دراسة وتعديل كي لا تكون بمثابة الثغرة التي بإمكان الآخرين الوصول للمرأة لإيذائها أو لهدمها وضياعها واستغلالها بالإضافة لمتابعة بعض القوانين والتأكد من أنها تتناسب فعلاً مع مجتمعنا وتتماشى مع ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا، وبكلمات أخرى هل اختبرنا من خلال بعض المشاكل المتكررة الحاصلة في المحاكم أنه لا توجد قوانين وضعت وباتت تتسبب بمشاكل مجتمعية تصطدم مع خصوصية المرأة في المجتمع خاصة من ناحية التطبيق الفعلي لها على أرض الواقع دون أن ننتبه لها.
الندوة سلطت الضوء على بعض القضايا الحساسة والتي تدخل في إطار الملفات الحمراء المحظور تداولها والتي تجد المرأة صعوبة في البوح بها والكشف عنها، كتعرضها للاغتصاب أو التحرش الجنسي من أولياء أمورها أو التحرشات الجنسية في العمل سواء التحرش اللفظي أو البدني «نذكر يوماً كلام إحدى الحقوقيات اللواتي يعملن في إحدى الجهات الحكومية وهي تخبرنا أن قضايا التحرش للموظفة من قبل الرجل أهون بكثير من تحرش فتاة بأخرى»، والبويات «فتلك معضلة كبرى تجدها أي قانونية تلجأ لها الموظفة في العمل للتقدم بشكوى في كيفية حمايتها ووضع الحدود والضوابط لمنع وصول المرأة المتحرشة لها!»، كما من القضايا التي تعتبر تحديات في مجال حماية المرأة وتأمين حقوقها العنف اللفظي أو البدني من قبل الزوج لزوجته والأهم كم امرأة في مملكة البحرين تدرك حقوقها وما توفره لها الجهات القائمة على حماية المرأة من خدمات قانونية؟
إن طرق الملفات الحمراء المحظورة هي أولى الخطوات لإذابة جليد الصمت المجتمعي عن هذه القضايا المخبأة كالبركان في مجتمعنا، والتي تتسبب بكوارث ومشاكل مجتمعية خطيرة تتم بعيداً عن الضوء ولا يسلط الإعلام عليها مجهر الكشف، فمنهجية أننا لا نحتاج للعمل عليها والتركيز لأنها لم تصل إلى المرحلة الظاهرة بعد لذا لا حاجة لمعالجتها، منهجية تفندها بعض المجتمعات الغربية التي أثبتت بعد تجارب مريرة للمرأة فيها أن الوقاية خير من العلاج!
كنا نتمنى مع أجواء الاحتفال بيوم المرأة البحرينية في المجال القانوني لو كانت هناك مبادرة في تنظيم لقاءات وعقد اجتماعات مع الحقوقيات والمحاميات والعاملات في المجال العدلي، وأخذ خلاصة تجاربهن ومرئياتهن في هذه الحقول، لأنهن أكثر من يلامس قضايا المرأة عن قرب في أروقة المحاكم، ويلمح معاناتها، والظلم الذي تتعرض له، كما أن لديهن فكرة شاملة عن أهم قضايا المرأة البحرينية التي ينبغي العمل عليها ومشاكل المرأة المتكررة التي قد تسلط الضوء على نوعية الفراغ التشريعي الذي تحتاجه المرأة ليسندها وينهي معاناتها.
* إحساس عابر:
شكراً لرجال الأعمال وأصحاب المحلات والمطاعم الذين قاموا بمبادرة إيجاد عروض ترويجية خاصة بمناسبة يوم المرأة البحرينية، تلك مبادرة تستحق الإشادة وتعزز مبدأ الشراكة المجتمعية.