الرأي

هل نستثمر فوز ترامب في تحجيم الخطر الإيراني؟

خارج النص


في الوقت الذي يستكمل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تشكيل إدارته، فإن ما يتضح من معالمها حتى الآن يوحي أننا مقبلون على فرصة ملائمة تتيح لنا كحلف خليجي أن نستثمر وجود الإدارة الجمهورية المقبلة في البيت الأبيض لتحجيم الخطر الإيراني علينا وجودياً وأمنياً. والسؤال الذي يطرح نفسه منطقياً هنا هل نستثمر هذه الفرصة لتحجيم الخطر الإيراني؟
دعوني ابتداءً أذكركم لماذا كانت اتفاقية النووي الإيراني سيئة بالنسبة لنا في دول الخليج؟ باختصار لأنها أرضت غرور «الغول» الإيراني الواهم وطموحاته الشريرة وزادت على ذلك بأن ضخمت له حجم مخالبه الورقية فجعلته يعتقد أنه هو الشرطي الوحيد المسموح له بالعمل في الخليج والشرق الأوسط.
ولأن هذا الغول الواهم لا يرى أبعد من أنفه، فقد هوّلت له نفسه المريضة معاني كثيرة من الاتفاق النووي، فافترض أن كون ست دول كبرى تفاوضت معه حول الملف النووي يعني أنه أصبح دولة عظمى وأنه أصبح حر التصرف في المنطقة كما يريد، لذلك وجدنا النتيجة المباشرة للاتفاق تتمثل في توسعة الأعمال العدوانية الإيرانية، وزيادة وتيرتها في كل من العراق وسوريا واليمن، وصولاً إلى أحدث تصريح لرئيس أركان جيش الملالي الذي تحدث عن قواعد عسكرية دائمة في كل من اليمن وسوريا.
الآن، يأتي صعود الرئيس ترامب ومن معه من فريق جمهوري معارض للاتفاق النووي إلى السلطة في الولايات المتحدة، واحتمالات تشكل حالة مماثلة كل من فرنسا «إذا انتخب فرانسوا فيون رئيساً في مايو المقبل وهو المرجح»، وألمانيا «إذا خسرت ميركل الانتخابات في الصيف المقبل وهو أيضاً مرجح»، مضافاً إليها التقارب الروسي الأمريكي وانشغال بريطانيا بوضعها الداخلي بسبب ملف «البريكست»، وهذا كله يشكل حالة ضاغطة لتراجع موضوع الاتفاق النووي الإيراني من حيث الأولوية وربما تقبل أي قرار تتخذه الإدارة الأمريكية الجديدة بتجميده.
هنا تبدو فرصتنا كدول خليجية لاستثمار مثل هذا الوضع لتقليم مخالب الغول الواهم وتحجيم مخاطره، وفي نفس الوقت البناء على الدور الإيجابي الذي لعبته دول الخليج مجتمعة في ملفي تحالف دعم الشرعية في اليمن والتحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب، ولكن المتطلب الأول لنجاحنا في أي من ذلك هو وحدة الموقف والتصرف على أساس البنيان المرصوص وليس المتفرق.
وأول المتطلبات هنا هو أن تعمل القنوات الخلفية التي تقيمها بعض دول الخليج مع إيران بنفس اتجاه وصراحة القنوات العلنية لبقية دول الخليج أي أن تكون حازماً وواضحاً في رفض العدوانية الإيرانية والتصدي لها، سواء كنت كخليج واحد تتعامل مع إيران علناً أو سراً.
أما المتطلب الثاني فهو أن تكون رسالتنا لبقية العالم، وخاصة أمريكا وحلفاءها من دول «5+1» واحدة وواضحة وتربط مصلحتنا الخليجية الموحدة بأي خطوات مقبلة، لأنه إذا كانت الإدارة الأمريكية المقبلة تريد أن تبني علاقاتها الخارجية على أساس محاسبي بحت، فنحن أيضاً نجيد استخدام الآلات الحاسبة.
ويبقى من المهم هنا أن تدرك دول «5+1» أن تفضيلها الاتفاق مع إيران وتجاهل المصالح الحيوية لدول الخليج، في عهد أوباما، لا يجوز أن يتكرر، خاصة وأن إجرام الملالي وتطرفهم واستهدافهم لدول الخليج يجعلنا نتوقع من «حلفائنا» تعاملاً موضوعياً وأن يقفوا معنا لا أن يقفوا متفرجين أو محايدين. هذه المرة، وبنفس منطق الآلة الحاسبة، لا بد أن يدركوا أن تجاهل مصالح الخليج سيعني أن هنالك كلفة قد لا يكونوا قادرين على تبريرها لناخبيهم.
وبشكل عام، سيكون هنالك سباق على اهتمامات الساكن الجديد للبيت الأبيض وأولوياته الإستراتيجية، وستبذل إيران جهوداً من تحت الطاولة من خلال اللوبي الإيراني في واشنطن، لكن السؤال: ماذا سيفعل اللوبي الخليجي وهل هو معني بالفوز في هذا السباق أم لا؟