الرأي

خطبة مسجد «خميس مشيط»

قطرة وقت


تعليق جميل خرج به الإعلامي الخليجي المعروف الدكتور سليمان الهتلان ونشره على شكل تغريدة بعد حضوره خطبة يوم الجمعة الماضي في مسجد بخميس مشيط حيث وصفها بأنها «هادئة وتدعو للإيجابية»، وأضاف «في السابق كنت تخرج من ذات المسجد مشحوناً بالغضب والقهر تبحث عن عدو تقاتله»! هذا التغير الإيجابي إما أنه تحقق بسبب تغيير الخطيب أو بسبب رسائل واضحة وقوية تم توجيهها من قبل الجهات ذات العلاقة إلى خطباء الجمعة بالمملكة العربية السعودية حذرتهم من مغبة شحن المصلين وتحريضهم على الآخر، أياً كان ذلك الآخر. والغالب أن الكثيرين من خطباء الجمعة باتوا مقتنعين بهذا الأمر لما صاروا يرونه بأم أعينهم من مشكلات أدت إلى أن يقتل المسلم أخاه المسلم بعد أن يكفره.
نحن إذن أمام مؤشر مهم يعيننا على معرفة التجاوز الذي قد يحدث من قبل بعض خطباء الجمعة، فعندما لا يخرج المصلون وهم مشحونون بالغضب ولا تكون لهم ردة فعل سالبة تجاه الآخرين المختلف معهم في أي شيء فإن هذا يعني أن التزاماً جيداً بهذا التوجه أو القرار قد تم، والعكس صحيح.
الأصل في موضوعات خطب الجمعة هو أن تترك للخطيب، يختارها ويحدد الطريقة التي يوصل مضامينها إلى المصلين، والأصل هو أن يترك الخطيب ليقول ما يريد قوله من على المنبر فهو يرمي إلى رضا الله سبحانه وتعالى والقيام بدوره في هداية المصلين وجعلهم يلتزمون بدين الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، والأكيد أنه لم تلجأ بعض الدول إلى تحديد موضوع معين ليتناوله جميع خطباء الجمعة في مساجدها ولم يلجأ بعضها إلى فرض أن تكون الخطبة مكتوبة إلا بعدما لاحظت أن انحرافاً قد حدث في تلك الخطب أو بعضها أدى إلى التسبب في إحداث خلل في المجتمع ومشكلات. والأكيد أنه لم تلجأ الدول إلى مراقبة خطب الجمعة واستدعاء الخطيب لمساءلته لو أنه تجاوز إلا بعد ما تبين لها مقدار الألم الذي يمكن أن يتسبب فيه بعض الخطباء للمجتمع بسبب حرف منابرهم واستغلالها استغلالاً سيئاً والخلط بين الدين والسياسة. والأكيد أيضاً أنه لم تتم دعوة خطباء الجمعة إلى التوقيع على ميثاق شرف في بعض الدول إلا تحسباً ومنعاً لحدوث مثل ذلك الخلل والأذى للمجتمع.
التحول الإيجابي الذي أشار إليه سليمان الهتلان عن نتاج خطبة الجمعة في ذلك المسجد تحول مهم ومطلوب حصوله في كل المساجد بكل دول مجلس التعاون بل في مساجد كل البلاد العربية بل في كل العالم، فهذا التحول عدا أنه عودة إلى أصل دور المساجد وخطب الجمعة فإنه يعني أيضاً عودة إلى العقل ونجاحاً مهماً تحققه حكومات دول مجلس التعاون، ذلك أن السيطرة على هذا الأمر يعني منع أي انحراف لدور المنبر ومنع تسييسه وجعله وسيلة للشحن ضد الآخر.
هنا في البحرين تبدو الحاجة ملحة أيضاً إلى السيطرة على المنابر على اختلافها، فهناك للأسف من لايزال يستغلها للشحن ضد الآخر ولا يزال يعتقد أن دور المنبر هو ما يقوم به وليس ما كان في الأصل وأن الخطيب يكون مقصراً لو أن حديثه اقتصر على التأكيد على أهمية الالتزام بالدين وشرح أحكام العبادة والعقيدة.
الناتج الذي خرج به الدكتور الهتلان من خطبة الجمعة في ذلك المسجد الذي تناوله في تغريدته هو ما ينبغي أن يخرج به المصلون من المساجد في كل مكان، ولو تحقق مثل هذا الأمر نكون قد تمكنا من تحصين المجتمع وحمايته من كل انحراف ولاستفادت مجتمعاتنا الإسلامية من طاقات ضاعت وتضيع بسبب استغلال البعض لخطب الجمعة والمنابر على اختلافها لتحقيق مآرب ضيقة.