الرأي

لا للعنف ضد المرأة ولا للسكوت عليه

من القلب




العنف ضد المرأة بجميع أشكاله امتهان لحقوقها، في حين كرمها الإسلام وحث على المحافظة عليها كون المرأة مختلفة عن الرجل، فهي مخلوق حساس يتأثر كثيراً بما يحيط به، ويتفاعل بعاطفة جميلة، ومع ذلك مازالت المجتمعات في جميع بلاد العالم وليس في العالم العربي فقط تمارس العنف ضد المرأة سواء من محيط أسرتها أو خارجه، وفي مجال عملها وفي الشارع أيضاً، ولا شك في أن العنف الواقع على المرأة يترك أثراً بالغاً في حياتها وطريقة تعاملها مع الآخرين ومع نفسها أيضاً.
فهناك عنف ظاهري وعنف مسكوت عنه، فالعنف الظاهري دائماً يصل إلى الشرطة والقضاء، حيث تلجأ المرأة أو أسرتها إليهم للحد من هذا العنف ومعاقبة الجاني على التعنيف، أما العنف المسكوت عنه «من اسمه» تحاول الأسرة أو المرأة التستر على الجاني -قد يكون الجاني زوجها أو أحد أفراد أسرتها- حيث يرجع ذلك لأسباب عدة منها خشية الطلاق أو التشهير بالمرأة وأسرتها «الفضيحة»، وأحياناً الخوف من الجاني، وقد يرجع التكتم عن العنف لأسباب أخرى، إلا أن الزمن لم يعد كما السابق، ولم تعد المرأة تسكت عن حقوقها ولو كانت بسيطة، أو أن يستهين أحد بكرامتها، فالمرأة لم تعد «الطوفة الهبيطة»، ولم تعد قطعة أثاث يزين بها المنزل، ولم تعد المرأة شماعة الرجل الذي يصب جام غضبه عليها، فالمرأة اليوم متساوية مع الرجل في الحقوق والواجبات، بل تقف الدولة والمنظمات الحقوقية بجانبها حتى تحافظ على كيان المرأة ومناهضة العنف ضدها بأشكاله.
وجدت الدراسات العلمية التي أجريت لمعرفة فئة النساء المعنفات والنساء الأكثر تعرضاً للعنف من قبل الرجل، بأن المرأة غير المتعلمة أو المرأة ذات التعليم المحدود هي الأكثر عرضة للعنف من النساء المتعلمات الحاصلات على شهادات أكاديمية، كما أن النساء العاملات واللاتي يتقاضين رواتب عالية هن أقل النساء عرضة للعنف، ويرجع ذلك لأسباب عدة منها معرفتهن بحقوقهن وإحساسهن بأنهن لسن أقل مستوى من الرجل، كما أن الرجل أيضاً يحترم المرأة المتعلمة، ويحسب لها ألف حساب في كل تصرفاته، لأن المرأة غالباً ما تكون واعية جداً، بل لأنها أصبحت امرأة عاملة تساهم في مصروفات الأسرة كما الرجل، فالمرأة غير العاملة دائماً تشعر بنقص مادي متمثل في المال، وهذا ما يجبرها على السكوت والرضوخ للعنف الواقع عليها من قبل زوجها أو أحد أفراد أسرتها، لذلك المرأة العربية أصبحت تتسلح بالعلم وتتسلح أيضاً بالعمل، وهذا يشعر المرأة بأنها حرة وواعية وأنها تستطيع أن تلبي احتياجاتها، وأنها في المقام الأول تستطيع الدفاع عن نفسها.
المرأة شريك الرجل في التنمية، وإذا ما تعرضت المرأة للعنف فإنها تفقد الكثير من قدرتها واستعدادها للمساهمة والمشاركة في المجتمع، نظراً لما ينتج عنه من ضرر مادي ومعنوي بالغ التأثير ومنه قد تتحول المرأة الضحية إلى فرد عالة على المجتمع بدلاً من أن يستفاد من طاقتها لتكون فرداً فاعلاً منتجاً، يعطي كما يأخذ.
بعض الرجال لا يصونون الماسة التي أمامهم -زوجة أو أختاً أو ابنة- ولا يعتنون بها كما أوصاهم المولى عز وجل ورسوله الكريم، فمازالت المرأة تتعرض للعنف وإلى المهانة، ولكن كما يقال «كل واحد وأصله»، في معاملته مع المرأة، ويبقى القانون والقضاء الإطار الواضح لحماية المرأة من العنف، فمازال المجتمع بحاجة إلى تشريعات أكثر للحد من العنف ضد المرأة، وبقدر حاجة المرأة إلى ذلك إلا أنها بحاجة إلى أن تعرف كيف تدافع عن نفسها وتصون حقوقها، فلا أحد أكثر حرصاً على المرأة أكثر من نفسها، لذلك على المرأة أن تنهي مأساتها بنفسها وألا تسكت عن العنف، ولا ترضى بأن يجردها أحد من حقوقها، والعيش بأمان وسلام، فسلاح المرأة ومفاتيح السعادة دائماً بيدها وليس بيد غيرها.