الرأي

التحرش الجنسي والعنف أبرز قضايا الأطفال

التحرش الجنسي والعنف أبرز قضايا الأطفال




\حمل شعار اليوم العالمي للطفل هذا العام «حماية الطفل من الإيذاء والإساءة»، وقد احتفلت مملكة البحرين بهذا اليوم العالمي أسوة بغيرها من الدول خاصة تلك التي وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالطفل.
حقوق الطفل في مملكة البحرين عموماً ممتازة وأكثر من رائعة فأطفال المملكة لا يعانون من ظاهرة الاتجار بالبشر أو استغلالهم في الأعمال الشاقة أو العنف المفرط حتى القتل، كما نرى في الدول الفقيرة، وهناك ثمانية بنود تضمنها قانون الطفل في البحرين قامت بتغطية كافة الجوانب تقريباً فيما يخص حقوقه في المجتمع وكيفية حفظها وضمان توفير البيئة المناسبة لرعايته ونموه، ولكن بالطبع لكل دولة استثناءاتها، وتأتي هذه الاستثناءات تبعاً لطبيعة المجتمع فيها والقضايا المتفشية فيه ففي أمريكا مثلاً هناك قضية خطف الأطفال أو اختطاف الطفل وقتله بوحشية على يد المرضى النفسيين والمضطربين سلوكياً ولعل ما يستعرضه الإعلام الأمريكي لنا وإصدارات الكتب والقصص الواقعية التي تحكي عن ظاهرة هذه الجرائم نقطة في بحر مما يجري على أرض الواقع هناك، كما أظهرت دراسة في أمريكا تزايد مستويات العنف المسلح ضد الأطفال في أمريكا وأظهرت الإحصاءات التي أوردتها شبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية أن ما لا يقل عن 555 طفلاً تحت سن 12 عاماً قتلوا بالرصاص في أمريكا منذ 14 ديسمبر عام 2012 في حين في عام 2014 وحدها قتل 460 طفلاً في سن 14 عاماً وأقل رمياً بالرصاص في جرائم قتل وحالات انتحار وإطلاق نار غير متعمد.
وأمام تزايد حالات استغلال الأطفال وإدراجهم في الأعمال الإرهابية في البحرين، هناك حاجة لأن يهتم المشرع البحريني بإدراج بند تاسع يعنى بحماية الطفل من الإرهاب، كما إن البند المتعلق بحماية الطفل من سوء المعاملة يحتاج لتعديل قانوني بحيث يضم مواداً قانونية تغلظ العقوبات على المجرم الذي يتعرض للطفل بالاغتصاب أو التحرش تصل إلى درجة السجن المؤبد أو الإعدام، فمعروف أن الطفل مصيدة للمرضى النفسيين والمجرمين في العالم ومحبط مما تطالعنا به الصحف المحلية فيما يخص أحكام هذه الجرائم، فمن غير المقبول أن تتراوح فترة السجن فيها للمغتصب ما بين عشر سنوات بل بعض القضايا يحكم عليه بالسجن ثلاث أو خمس سنوات رغم أن المغتصب ذئب بشري ومريض نفسياً ويدرك الأطباء أنه بالسلوك الذي يقوم به منحرف وخطير وقد يصل إلى درجة القتل حتى عند تطور مراحل مرضه، كما المتعارف عليه أن أمثال هؤلاء «لا يتوبون ولا تردعهم أحكام السجن بثلاث أو خمس سنوات» بل المجرم سيعاود جريمته مراراً وتكراراً وفترة السجن القصيرة هذه لن تكون رادعاً أبداً بل الرادع الإعدام أو السجن المؤبد كما تفعل بعض الدول.
ولا نغفل أن ما قام به المجرم يعني جعل الطفل يعيش وهو يقتل نفسه يومياً بالشعور المؤذي الذي عرضه له فلا يعقل ومن غير العدالة ألا تتساوى درجة الجرم مع درجة وفترة الحكم.
فعندما نطالع الصحف اليومية في مملكة البحرين ونبحث عن أبرز القضايا التي تتعلق بالطفل خلال السنوات الفائتة نجدها تتمحور في عدة نقاط رئيسة، أبرزها التحرش الجنسي، حيث ذكرت الباحثة الاجتماعية في النيابة العامة فاطمة فقيهي في تصريح صحافي في يونيو الماضي أن «التحرش الجنسي أبرز قضايا الأطفال في النيابة، وأن أكثر ضحايا التحرشات الجنسية هم من الذكور في المرحلة الابتدائية»، ولطالما طالب العديد من المواطنين بفصل المدارس الابتدائية عن الإعدادية خاصة للبنين لما تسببه من مشاكل اجتماعية وسلوكية خطيرة مما يعني أن هناك حاجة لضبط المسألة من خلال تشديد العقوبات، أيضاً هناك انتشار التدخين ولا نبالغ إن قلنا المخدرات بين بعض الأطفال المقبلين على سن المراهقة، ولعل مراكز الإقلاع عن التدخين قد ضبطت العديد من الحالات التي تكشف أن هناك حاجة للاهتمام بهذا الجانب.
وحسب آخر إحصائية طالعتنا بها وزارة التنمية الاجتماعية فإن نسبة الأطفال من مجتمع البحرين تشكل 27 % وإن كانت هناك نية جادة في تمكين الطفل في المجتمع ودفعه لأن تكون له أدوار بارزة وفعالة وخير سفير لأطفال البحرين أمام العالم فإن أبرز التحديات التي تواجهها الجهات القائمة على حماية الطفل في مملكة البحرين أهمية إيجاد صمامات أمان للطفل تحميه من هذه الظاهرة التي تعد بالمناسبة ظاهرة عالمية تعاني منها معظم الدول لكون الطفل دائماً ما يكون الحلقة الأضعف والطرف الذي لا يفصح عند تعرضه للتحرش الجنسي أو الاغتصاب، وأيضاً حفظه من التغرير به في أعمال الإرهاب والعنف.
كما من التحديات التي تواجه القائمين في مجال حماية الأطفال والمشرع البحريني كذلك هي أن المتحرش قد لا يكون في الشارع أو عند أبواب المدرسة بل داخل الهاتف الذكي أو «الآيباد» الموجود عند الطفل ومع زيادة مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها دون قيود أو قوانين وضوابط، فالمخاطر في ازدياد وهناك حاجة لسن تشريعات وقوانين حازمة في هذا الجانب، حيث «كشفت ندوة أجرتها النيابة العامة مع مؤسسة مراقبة الإنترنت عام 2015 أن عام 2014 شهد 74 ألف حالة تحرش أزالت منها المؤسسة 30 ألفاً، وقد بلغت نسبة استغلال الإناث فيها 80%، بينما الذكور 9 %». لذا من التحديات التي نواجهها التنظيمات الإلكترونية التي تصطاد الأطفال والشباب والمعروف أن شبكة الإنترنت تعد خير ملاذ ينتشر عليه المرضى النفسيون والمجرمون.
فأمام هذا الغزو الإلكتروني المجرم قد يأتي للطفل على شكل لعبة إلكترونية والتغرير بالطفل جنسياً أو إرهاباً أو حتى استدراجه لاختطافه وإيذائه وتعنيفه من خلال البوابة الإلكترونية.
كما نشدد على أهمية دعم المقترح النيابي برفع سن الحدث في مملكة البحرين من 15 إلى 18 سنة وذلك تماشياً مع ما جاء في اتفاقية حقوق الطفل «إن الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة»، ونتمنى أن يتم تخصيص جوائز في مختلف مجالات الطفل والتشجيع على الدراسات حول الطفل في البحرين فهذا من شأنه أن يدعم جهود مملكة البحرين في حفظ حقوق الطفل والاهتمام بكافة مجالات الطفولة.