كابوس لإيران.. «ناتو» خليجي أمريكي
صهيل
الثلاثاء 22 / 11 / 2016
هواجس إيرانية جديدة برزت على السطح بعد إثارة وليد فارس مستشار شؤون السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لموضوع إعادة التقارب الخليجي الأمريكي مرة أخرى وبقوة، بعد حصول فجوة في العلاقات بين الطرفين خلال عهد الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما.
ما يثير إيران حقاً هو إمكانية تشكيل حلف «ناتو أمريكي خليجي»، وهو ما يعني عرقلة المشاريع الإيرانية في المنطقة العربية، أو لنقل عدم استكمال تلك المشاريع والمتمثلة في بسط نفوذ الإيرانيين في المنطقة وإحكام القبضة عليها، وبالتالي تعطيل المخططات والمشاريع الإيرانية.
طهران أبدت تحفظها على «الناتو»، وقد عبرت عن ذلك على لسان رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الإيرانية علي رضا ميريوسفي، الذي زعم أن «التحالف الخليجي الأمريكي من شأنه أن يثير الفوضى ويدمر المنطقة»، وطبعاً إيران هنا تمارس ما هي بارعة فيه من إلقاء اللوم على الآخرين في تدمير المنطقة أو جذبها في صراعات واشاعة الفوضى فيها، وهو تملص غير مستغرب من كيان لا يعترف أبداً أنه السبب الرئيس في هذا التدمير وتلك الفوضى والخراب بالمنطقة العربية بسبب تدخلاتها المستمرة والتي أصبحت على المكشوف، خاصة في الشأن العربي. إن «عاصفة الحزم» كانت ولا تزال شوكة تكسر إيران، فهي المعركة التي أوقفت أو كسرت الهلال الذي رسمته أو رغبت في اكتماله لتطويق المنطقة وبالذات دول الخليج العربي، فإذا كانت «عاصفة واحدة» تسببت في غبار شديد حجب الرؤية وأعمى بصر إيران بعد أن عميت بصيرتها منذ زمن، فكيف لو قام حلف «ناتو خليجي أمريكي»؟ فبلا شك سوف تتمنى أن يكون ذلك كابوساً أو أضغاث أحلام، لأنه لو تحقق ذلك «الناتو» فسيتسبب في جنون إيران وهي ترى حلمها «القديم الجديد» بشأن السيطرة على المنطقة العربية، إلى زوال.
لقد تابعنا خلال الأيام الماضية الاستياء الذي أبداه الرئيس المنتخب ترامب تجاه السياسة الإيرانية في دول عربية كما نقل ذلك عنه مستشاره وليد فارس، الذي أكد رفض ترامب وجود تدخل عسكري استخباراتي ايراني في العراق وسوريا ولبنان، ورفضه أيضاً وجود الحرس الثوري الإيراني في طول وعرض المنطقة، وكذلك المتطرفون، وحتى الاتفاق النووي الموقع بين ايران والقوى الكبرى، لم يبد فارس تحفظاً على إمكانية قيام ترامب بتعديله أو تغييره أو حتى إسقاطه. وعلى ذكر الاتفاق النووي، فنحن نعلم جيدا أن إيران ليست من الدول التي تحفظ العهود وتصون المواثيق، لذلك لم يكن مستغربا خرقها لبعض بنود الاتفاق وللمرة الثانية منذ توقيع الاتفاق في يوليو 2015، وهو ما اثار حفيظة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على لسان أمينها العام يوكيا أمانو، حيث طالب إيران بتفادي تلك التجاوزات التي وصفها بـ«اللاذعة» من إيران، وذلك بعد اكتشاف الوكالة مؤخراً أن مخزون إيران من المياه الثقيلة - وهي مادة تستخدم في بعض المفاعلات النووية - قد تجاوز الحد المتفق عليه، وطبعا إيران من جهتها دائمة التبرير لأفعالها، وتبريرها هذه المرة أنها ستبيع تلك المياه الزائدة في الأسواق، أي أنها عمدت إلى مخالفة الاتفاق حتى تتكسب منه، وهذا عذر أقبح من ذنب. صحيح أن الولايات المتحدة تسير وفق مصالحها في نهاية الأمر، لذلك لا يجب أن نعول كثيراً عليها، ولكن لننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى، ترامب رجل أعمال، ورجال الأعمال لا يقدمون شيئاً بالمجان، ولكنهم يقدمون «عروض مغرية» بهدف تحقيق مصالحهم، وأيضاً مصلحة «زبائنهم» ، ومن أجل ذلك تطرق فارس إلى محور الاقتصاد في عهد رئيسه الجديد، وذلك بعد تطرقه إلى «الناتو الأمريكي الخليجي»، ورفضه سياسة إيران وتدخلها في المنطقة، وإمكانية تعديل أو حتى إسقاط الاتفاق النووي.
وقد سلط مستشار ترامب الضوء على الشراكة الاقتصادية الخليجية الأمريكية، وعن إمكانية تعزيز تلك الشراكة ورغبة ترامب في الحديث مع قادة دول الخليج حول التعاون الاقتصادي، بل إن ترامب يرى ما هو أبعد بكثير من الآن، حيث إن الحديث سيتناول التقدم والازدهار الاقتصادي ليس في الخليج العربي بل في العراق وسوريا واليمن بعد توقف الحرب، ومن يدري، فربما نشهد في عهد ترامب وقف الحروب والاضطرابات في تلك الدول العربية حتى يتسنى لترامب تحقيق «الازدهار» الاقتصادي لتلك الدول.