الرأي

متى تؤذن في خرابة؟

عبق ديمقراطي




مثل بحريني يطلق عندما تتكلم ولا يعيرك الطرف الآخر أي اعتبار أو اهتمام لما تقول، فيقال لك، «وكأنك تؤذن في خرابة». سأتناوله من منطلق تسليط الضوء على تحديات الشباب الذين يواجهونها بعيداً عن التطرق إلى ذكر عدد التكريمات التي نالوها، والفرص المتاحة، والبرامج التدريبية المتخصصة لتنميتهم، والنسب التي لا تنتهي، بعيداً عن المجاملات التي تعودنا عليها..
لعلي أشير إلى أن هناك اختلافاً دقيقاً ما بين «الخرفنة» و«الحرفنة»، فهو اختلاف نقطة ما بينهما فقط، وقد لا يلاحظها البعض. فالحرفنة غنية عن التعريف، فهي الاحترافية في عمل ما، أما الخرفنة فقد تكون في أسلوب إدارة فاشلة من خلال تفضيل أشخاص معينين ممن يصبحون ويمسون على الـ«Boss» رجلاً كان أو امرأة كل يوم، أو ممن يرسلون إلى «شاغر الكرسي الكبير» الرسائل شبه اليومية ويغرقونه بالكلام المعسول، في حين يأتي الشاب بحماسه للعمل ليصدم بالواقع العملي المخرفن لتقوم الإدارة بركنه جانباً بالرغم من كفاءاته وإمكانياته، ومن ثم تأخير كل ما يتعلق بترقياته وبحقوقه الوظيفية في زمن يعلو فيه حلو اللسان على محترفي العمل.. في زمن يذهب كل تعب العمل هباء منثوراً.. وتبقى الكلمات الجميلة هي الخالدة المفضلة.. وكأن الفرد يؤذن في خرابة للمطالبة بتغيير ذلك.
كما تأتي الخرفنة أيضاً من خلال تشجيع طلبة الجامعات على الخوض في منافسة شريفة لإجراء البحوث العلمية في موضوع ما من جانب، ومن جانب آخر تكون اللجنة المحكمة للبحوث غير حيادية وغير صادقة أصلاً لإعلائها شرف التقييم، فيتم اختيار البحوث حسب الأهواء الشخصية وحسب كلمة «من اللي له خاطر عندنا»، ضاربين المعايير الموضوعية عرض الحائط!
واقع غريب ومشمئز.. عندما يتم فيه تشجيع الشباب الذين يقدمون البحوث « copy paste» ويتم فيه إقصاء البحوث التحليلية الجديدة في المجال، واقع مؤلم.. عندما يتم فيه تكريم «بعض» الشخصيات التي لم نسمع عنها أي إنجاز يذكر في مجال معين، في حين يتم تجاهل فئة الشباب المميزين في نفس المجال متعذرين بسبب معيار السن! وهل لتحقيق الإنجاز سن معين؟
موضةً انتشرت كـ«فيروس»، هي موضة عامل الناس بمناصبهم وليس بأخلاقك! وأذكر في هذا المحفل مقابلتي مع زملائي ممثلي الشباب في مجلس الأمم المتحدة للبيئة، الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، وبالرغم من منصبه الحقوقي العالمي، إلا أنه عاملنا بكل لطافة وحب وتشجيع للعمل الدؤوب من أجل صنع القرار واستمع لتحدياتنا التي نواجهها وحرص على توصيلها إلى برنامج الأمم المتحدة، للعمل على استئصالها من أجل استدامة هذه الطاقة الشبابية، بخلاف بعض المسؤولين عندنا الذين يحاولون خنقنا ووضع العراقيل لتخفيف سرعتنا في الخوض بفاعلية.
مع الأسف، إن المؤسسات التعليمية قد حصرت التعليم في الاحترام وطريقة التحدث مع الآخر، أو بالأولى كيفية توظيف سمو الأخلاق في التعاملات في إطار العمل وغيره، ولم تعلمنا كيف يضع الفرد حزام الأمان في ظروف يعلوها النفاق والكذب وتنقصها المصداقية والشفافية.
سأطرح تساؤلاً محبطاً.. هل نطالب بمدارس لتعلمنا مبادئ وأسس النفاق للوصول إلى النجاح بطريقة أسهل وبدون كفاح قاتل يذهب بزهرة شبابنا؟ أم نطالب بإعادة تدريس أولئك صناع القرار في المؤسسات لتوعيتهم بأصول المهنة وأخلاقياتها.
الجدير بالذكر، أن مملكة البحرين قد حازت المركز الأول عربياً في تنمية الشباب وفقاً لدراسة أعدتها الحكومة البريطانية حول أفضل بلد يقدم فرصاً للشباب من بين 184 دولة، وأتمنى أن تنافس على المراكز الأولى عالمياً في المرات القادمة في ظل قيادتنا الحكيمة التي مازالت تشجع الشباب باعتبارهم المحور الأساسي للتنمية المستدامة.
* همسة:
أود أن أهنئ وزارة شؤون الإعلام على تدشين مشاريع تطوير القطاع التلفزيوني وإطلاق الهوية الجديدة لتلفزيون البحرين، فعلاً كانت نقلة نوعية ممتازة لتلفزيون البحرين، وكانت خير مثال للاستثمار الإيجابي للطاقات الشبابية التي انعكست إيجاباً على جمال وسمو شكل ومضمون البرامج المطروحة في تلفزيون البحرين، وكم أتمنى من كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية أن تحذو حذو وزارة شؤون الإعلام في تمكين الشباب ومساعدتهم في استدامة إبداعاتهم وطاقاتهم الهائلة للعمل معاً جنباً إلى جنب لنهضة مملكة البحرين.
كما أشيد بجهود النيابة العامة التشجيعية للشباب وخاصة فئة النساء، فدائماً ما يتم إبهارنا بكم الإنجازات التي يقوم فيها أسود النيابة العامة، والتي يتم نشرها في مواقع التواصل الإلكترونية الخاصة بالنيابة العامة، كخطوة تشجيعية لمن أصدر قراراً، أو نشر مقالاً، أو دشن كتاباً في حين تغفل بعض المؤسسات هذه الخطوة بل وتعمد إلى إخفاء جنودها الشباب.