الرأي

تقرير ديوان الرقابة.. وماذا بعد؟

مدارات




تتسابق الدول من اجل تنمية الأداء الحكومي والحرص على جودته، ورقي الأمم وتقدمها مرتبط بالحرص على مكافحة الفساد بأنواعه، الإداري والمالي، ولذا أنشأت الدولة ديوان للرقابة المالية والإدارية لتحقيق هذا الهدف، للوصول بمملكة البحرين لمصاف الدول المتقدمة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذا من الطبيعي أن يكون أداء ديوان الرقابة المالية والإدارية والتقارير التي يعدها سنوياً محل اهتمام الرأي العام، ومعالجة جوانب الفساد الإداري والمالي، التي وردت في هذه التقارير ينعكس إيجاباً على الأداء الحكومي وتطوير مخرجاته، وذلك لأن الفساد الإداري والمالي يمثل هدراً للمال العام في وقت نحن في أمس الحاجة فيه لكل الموارد البشرية والمادية المتوفرة، حيث تقوم حكومتنا الرشيدة بزيادة مصادر الدخل وتنوعه والتقنين في صرف الميزانية العامة.
ولذا فمن الطبيعي أن المواطن يتساءل عن مردود الملاحظات والتوصيات التي وردت في هذا التقرير، خاصة أنه يصدر من أكبر جهاز للرقابة، ومن جانب أهم هو جزء من المشروع الإصلاحي الذي جاء به حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، والذي من أهم أهدافه أن يكرس في المجتمع البحريني روح الشفافية والوضوح في طرح كافة الموضوعات التي تهم الرأي العام، وفي الوقت الذي نشد فيه على أيدي العاملين في ديوان الرقابة المالية والإدارية والجهود الجبارة التي يقومون بها، في الوقت ذاته، وبالمقابل، هناك مسؤولية ملقاه على جهات أخرى لتكملة المهمة ومحاسبة الهيئات والوزارات التي جاء ذكرها في التقرير، وإلا فما فائدة أن يصدر هذا التقرير دون أن تأخذ بنتائجه وتحاسب كل الهيئات والوزارات والأفراد الذين ورد ذكرهم في هذا التقرير، وكأن شيئاً لم يكن، وإذا ظل هذا التقرير يصدر كل عام بدون أن يعرف الرأي العام مصير المقصرين والذين لا يحافظون على المال العام حينها وبمرور الوقت سوف يفقد هذا التقرير الإداري والمالي الذي يصدر من جهة مسؤولة مصداقيته، ويصبح كتحصيل حاصل، ولذلك وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، في هذا الصدد إلى التحقيق الفوري بالحالات التي تحمل شبهة جنائية وتحويلها إلى النيابة العامة. وهذا يعني أن القيادة الرشيدة في الوطن حريصة على أهمية تفعيل دور ديوان الرقابة المالية والإدارية.
والجهة التي يعول عليها الدور للنظر في هذا التقرير هي مجلس النواب، الذي يملك كثيرا من الصلاحيات والأدوات الرقابية التي أعطاها إياه الدستور، وإلى حين ساعة كتابة هذا المقال لم يتم تشكيل لجنة لهذا الغرض، ونأمل من النواب الكرام أن يكون لهم دور في هذا المجال ويتركون بصمة تسجل لهم.
ان أهمية تفعيل دور ديوان الرقابة المالية والإدارية لا ينحصر في محاربة الفساد المالي والإداري في الوزارات، ولكنه في نفس الوقت يبني الثقة لدى المواطن في عمل أجهزة الدولة. وكذلك الأخذ بالتوصيات والملاحظات التي جاءت في تقرير الديوان لا يعطي فرصة للمتربصين بمسيرة الإصلاح في البحرين لكي يقوموا بعملية شحن للرأي العام وتأجيج الصراعات وهذا ما يهدفون إليه.
وبناءً على ما سبق، على الهيئات والوزارات التي جاء ذكرها في التقرير أن تتعاون مع الحكومة ولا عيب أن تكشف وزارة ما عن جانب من الفساد فهذه ظاهرة طبيعية، ولكن العيب ألا تظهر بعض الوزارات إلا إنجازاتها، لدرجة أن المواطن أصبح عندما يطلع على أخبار الوزارات يشعر وكأنه ليست هناك أخطاء في تلك الوزارات، وهذا ما لا يصدق، فلابد من وجود الأخطاء في بيئة العمل إلا أن معالجتها في حينها وعدم تكرارها سيرفع من إنتاجية الأداء وتحقيق الأهداف بأقل وقت وجهد وتكلفة، ومن هذا المنطلق، تأتي اهمية محاسبة المقصرين، ولذا نأمل أن تؤدي هذه التقارير مردودها لمكافحة الفساد بشتى أنواعه حيث إن الأمانة والحفاظ على المال العام من مقاييس تقدم الأمم وتطورها ورقيها. حفظ الله مملكة البحرين ملكاً وحكومة وشعباً من كل مكروه.