زيادة الراتب وزيادة الدخل.. خيارات ولا خيارات
نظــــــرات
الأربعاء 02 / 11 / 2016
الإجراءات التي تتخذها حكومة البحرين منذ فترة لترشيد النفقات، وتقليص المصروفات إجراءات طبيعية ومطلوبة للانتقال من الدولة الريعية إلى ما بعد الدولة الريعية، وهي لا تختلف بذلك عن دول مجلس التعاون الخليجي التي اتخذت إجراءات مماثلة، وبعضها أشد قسوة مع تراجع أسعار النفط، وتزايد تداعيات الصراعات والحروب في المنطقة.
رغم رفضه الشديد لإجراءات رفع الدعم أو إعادة توجيه الدعم منذ العام الماضي، إلا أن المواطن مازال ينتظر إجراءات أخرى تساهم في تحسين مستوى معيشته أو زيادة راتبه، وهو أمر بات صعب المنال يوماً بعد آخر. قد تكون الحكومة نجحت نسبياً في إقناع المواطنين بأهمية تحول الدولة من النظام الريعي إلى ما بعد النظام الريعي، لكنها لم تبدأ حتى اتخاذ خطوات جادة لإقناع المواطن بالفرص المتاحة لزيادة دخله، وأن الصورة النمطية السابقة بمسؤولية الحكومة عن زيادة الرواتب قد انتهت، وهناك بيئة جديدة قيد التشكل هي التي يفترض أن تساهم في زيادة دخله وهو ما يعد أفضل من الرواتب.
شرائح متنوعة من المواطنين تعيش تذمراً منذ فترة بشأن زيادة الرسوم، وفرض رسوم جديدة هنا وهناك، لكنهم لا يدركون أهمية هذه الخطوات وعلاقتها بتجاوز الدولة للمرحلة الريعية. فلم يتم شرح هذه الخطوات والخطط المقبلة بشكل واضح للجميع حتى يفهم التاجر سبب رفع الرسوم، ويفهم المواطن مبررات اعتذار الحكومة عن زيادة رواتب القطاع العام.
ما تم من إجراءات ما هي إلا بداية أولى، والبداية الحقيقية من المفترض أن تبدأ بعد عام وشهرين تقريباً عندما يتم تدشين نظام ضريبة القيمة المضافة، حينها سترتفع أسعار معظم السلع، وسيكون هناك دخل بديل استراتيجي ليس للبحرين فحسب، بل لجميع دول مجلس التعاون الخليجي باعتباره نظاماً خليجياً. مثل هذا الدخل الذي يجري التفاوض بشأن تفاصيله، وتحديد السلع المستثناة منه، لم يتم توعية مواطني الخليج بشأنه، ولم يتم الإعلان عن كامل تفاصيله، وتحديد الدخل المتوقع من تحصيله، وطبيعة إنفاق أموال الضرائب.
هذا السكوت الرسمي ساهم في تكوين أفكار مسبقة لدى المواطنين بإمكانية الاستفادة من أموال الضريبة المضافة لزيادة الرواتب من جديد بدلاً من إنفاقها على قطاعات أخرى. وبدأت تتشكل شريحة من المواطنين تؤمن بضرورة الاستفادة من الدخل الضريبي في زيادة رواتب المواطنين أو توفير بدلات مالية لهم. مثل هذه الصورة النمطية الجديدة تعكس فشلاً ذريعاً في عدم التمكن من تغيير قناعات الأفراد حتى الآن من فكر الدولة الريعية إلى فكر ما بعد الدولة الريعية، خصوصاً مع الفرص المتزايدة لزيادة الدخل، والتي يجب العمل عليها أكثر وتسويقها على المواطنين.