الرأي

ماذا سيحدث بعد 8 أيام؟

نظــــــرات




تفصلنا أيام قليلة عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إقامتها في الثامن من نوفمبر المقبل، أي بعد ثمانية أيام فقط. هذه الانتخابات كانت مثيرة للغاية بالنسبة لقضايا الشرق الأوسط، لكن اللافت فيها أنها لم تحظَ بذلك الاهتمام من قبل شعوب وحكومات دول الشرق الأوسط نفسها.
الانتخابات الرئاسية الأمريكية تقام لأول مرة في وقت تشهد فيه واشنطن تراجعاً تاريخياً في نفوذها السياسي من المنطقة، وبات واضحاً أن هذا النفوذ لن تتم استعادته قريباً أو مستقبلاً، فهي مرحلة انحدار السيطرة الأمريكية على الشرق الأوسط، كما سبقها النفوذ البريطاني، وقبله النفوذ البرتغالي والهولندي والفرنسي، وحتى العثماني.
حكومات وشعوب المنطقة لا تهتم بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لأنها لا تتوقع سلفاً أن يكون هناك تغيير جوهري في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه المنطقة بعد أن ساهم الساسة الأمريكان في تحويل الشرق الأوسط إلى كتلة ملتهبة من الفوضى الخلاقة سرعان ما تحولت إلى فوضى مستقرة ستظل فترة طويلة من الزمن حتى تتراجع.
عدم الاهتمام بمن سيحكم البيت الأبيض بحلول نهاية الشتاء المقبل يعني أن حكومات دول المنطقة تراجعت قناعاتها في التحالف مع الولايات المتحدة لأن فكرة التحالف انتهت، وصارت العلاقات مجرد شراكات مبنية على المصالح في بعض المجالات. وهناك قوى كبرى دخلت على خط المنافسة وحرصت دول الشرق الأوسط على توطيد علاقاتها معها، خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي التي انتقلت مما يسمى بالتحالف الخليجي - الأمريكي، إلى سلة من الشراكات المتنوعة استطاعت تكوينها خلال فترة قياسية لم تتجاوز 6 سنوات.
المترشحان الرئاسيان بإمكانهما تغيير مسار التحول في السياسة الخارجية الأمريكية، لكن ذلك سيكون صعباً ومكلفاً للغاية، وقد يستغرق فترة رئاسية كاملة، لأن دول مجلس التعاون الخليجي لا تنتظر مواقف أو صفقات تجارية أو أسلحة، بل تنتظر مصالح ومصيراً مشتركاً قائماً على الثقة، والثقة في العلاقات الخليجية - الأمريكية انتهت حتى صارت مفاهيم «الحليف الاستراتيجي، والشريك الاستراتيجي»، مصطلحات يستخدمها الإعلام الخليجي باحترافية للاستهلاك الإعلامي فقط دون أن تعكس معناها الدقيق.
لا نتوقع أن يكون هناك تحول في السياسة الخارجية الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية، لكننا نتوقع مزيداً من الفوضى واتساع نطاق الصراع والدمار في المنطقة بعد هذه الانتخابات، فكلا المترشحين لهما رؤى سلبية تجاه المنطقة، وأحدهما تورط في صناعة الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط، والآخر يتبنى أيديولوجيا شوفينية تجاه العرب والمسلمين.