الرأي

لا أمن واستقرار في الوطن بدون سيادة القانون

مدارات






نفد صبر الدولة على كل ما قامت به الجماعات المسيسة من أعمال إرهاب وتخريب وتدمير، وبعد أن سلكت القيادة كل السبل من حوار ولجان تقصي حقائق عالمية، ولم تترك سبيلاً إلا وأخذت به، لعل وعسى من تسمي نفسها بـ»المعارضة» تصحو وتراجع نفسها على كل ما تقوم به وتدرك أن للصبر حدوداً، ومن جانبها تحملت الدولة ضغوط الرأي العام الذي لايزال يطالب بضرورة تطبيق القانون، حتى وصل الأمر إلى أن المواطن العادي أصبح يشكك في قدرة الدولة على تطبيق القانون. بعد كل هذه المحاولات للتسامح والعفو مع هذه الجماعات، إلا أن كل ذلك لم يجد عندهم آذاناً صاغية حيث لاتزال تذرف دموع التماسيح على حقوق الإنسان والظلم وعدم المساواة، وهم الذين عاشوا وعيشوا العامة من طائفتهم معهم في عالم افتراضي وخيالي وأفكار سوداء من المظلومية والدونية بقصد عزلة جماعتهم عن الواقع لتحقيق «غرض في نفس يعقوب»، والذي عبروا عنه في أحداث 14-2-2016، عندما قاموا بمحاولة انقلابية «مشبوهة» ومدعومة من جهات أجنبية وليركبوا موجة «الربيع العربي».
لقد ظل هؤلاء الذين أخذتهم العزة بالإثم لفترة ومنذ بداية التسعينات من القرن الماضي يطالبون بالبرلمان، وعندما جاء عاهل البلاد المفدى إلى الحكم، بعد وفاة والده المرحوم الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، فتح صفحة جديدة في تاريخ البحرين المعاصر، بإعلان الميثاق الوطني والمشروع الإصلاحي، لكي تصبح البحرين مملكة دستورية مكونة من سلطات ثلاث تنفيذية وتشريعية وقضائية، وأخذت هذه المملكة الدستورية بالحياة الديمقراطية والتي تكونت من مجلسي النواب والشورى. مع كل هذه الإصلاحات لم يتصالح هؤلاء مع وطنهم لأن لهم أهدافاً أخرى، لا تتمثل في البرلمان، إنهم يطلبون أكثر من ذلك وأكدت الأحداث بعد ذلك بأن هؤلاء ليسوا «معارضة»، إنما هم امتداد لـ»حزب الله» والأحزاب الأخرى التي أسستها إيران لتنفيذ مشروعها الصفوي.
لتدرك هذه «المعارضة» أن هناك أسراً فقدت من يعولها مع أبنائها نتيجة أعمال الإرهاب التي قامت بها، وهناك من لايزالون يعانون من حالات الانهيار العصبي واضطرابات وصدمات نفسية وخاصة الأطفال الذين تم ترويعهم عندما دخل هؤلاء المدارس بالسكاكين والسيوف وقاموا بأعمال تخريب وتدمير، وتجار فقدوا تجارتهم نتيجة أعمال الحرق والسلب والنهب.
وعلى ضوء ما تقدم وبعد أن أدخل هؤلاء الوطن في نفق مظلم لسنوات طوال كان لا بد على الدولة أن تأخذ المبادرة وتطبق القانون بحزم على الجميع لكي تؤكد على مبدأ السيادة كسلطة عليا تعبر عن إرادة الشعب.
إن في مملكة البحرين ميثاق عمل وطنياً ودستوراً، يؤكدان على أهمية دولة القانون ومكانته في المشروع الإصلاحي الذي جاء به حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة. فدولة القانون وسيادة القانون هما الأساس لتحقيق مبدأ «العدل أساس الحكم»، وهو المبدأ الذي تضمنه ميثاق العمل الوطني في الفصل الأول، والذي يأتي تحت عنوان «المقومات الأساسية للمجتمع»، باعتباره أساساً للحرية والأمن والطمأنينة، والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين. كما أكد الميثاق استقلال القضاء وحصانته كضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات، وتتجه جهود الدولة إلى توفير هذه الضمانات واستكمال عناصرها.
بعد كل ذلك، وصلنا إلى مرحلة لزم علينا أن يدرك فيها الجميع بأنه لا مجال للمهادنة مع أحد، حيث إن عامل الوقت يفرض علينا أن نتجاوز مرحلة الظروف الاستثنائية وتسير عجلة المشروع الإصلاحي إلى الأمام، ولاشك في أن الطريق ليس مفروشاً بالورود، ولكن في نفس الوقت باستطاعة شعب البحرين وقيادته أن يوصلوا السفينة إلى بر الأمان.
إلى متى ونحن نظل نتكلم عن حقيقة جمعية «الوفاق» أو «وعد» أو عن المؤامرات التي تحاك ضد الوطن، كل هذه القضايا يجب أن نرميها وراءنا، لأنها مجرد شائعات يراد منها بث الرعب والخوف بين العامة من الناس، وحتى لا نعطي فرصة لهؤلاء، علينا أن نتكلم عن قضايا مستقبل الوطن، كرؤية البحرين 2030. قضايا المستقبل هي التي يجب أن نضعها على الطاولة وأما القضايا الأخرى فلا نعطيها أكبر من حجمها وللبيت رب يحميه، وحفظ الله مملكة البحرين ملكاً وحكومة وشعباً من كل مكروه.