الرأي

هل يعيش الخليج موجة هجرة جديدة؟

نظــــــرات


ارتبطت الهجرات البشرية في نطاق إقليم الخليج العربي منذ القرن العشرين بالحروب دائماً، فيتذكر أهل الخليج موجة الهجرة القادمة من الأراضي الإيرانية خلال الحرب العراقية - الإيرانية في الثمانينات الماضية، وبعدها جاءت موجة الهجرة المحدودة خلال حرب تحرير الكويت وما أعقبها من تداعيات إلى غزو العراق.
دول مجلس التعاون الخليجي كانت دائماً من الدول المستضيفة للاجئين، خصوصاً من الدول المجاورة التي تشهد أزمات سياسية وحروباً وصراعات أهلية. وعندما انهارت الدولة العراقية في أعقاب الغزو الأمريكي - البريطاني في 2003، وتحول العراق إلى دولة فاشلة انتشر لاجئوه إلى الدول المجاورة، وجاءت موجة محدودة إلى دول المنظومة الخليجية.
الآن العراق بصدد التحول من دولة موحدة رسمياً إلى عدة دول مفككة ستظهر قريباً، ومعركة الموصل معركة للإسراع في تحقيق هذا الوضع السياسي المعقد.
إذا تقسم العراق إلى عدة دول مفككة قائمة على الأسس الإثنو ـ طائفية، فإننا أمام حالة مختلفة من الصراع والحرب الأهلية، التي ستزيد من الضغوط على العراقيين، وتدفعهم للهجرة ليست الداخلية، وإنما الخارجية. حينها ستجد دول الجوار العراقي صعوبة في استضافة المزيد من العراقيين الذين توافدوا إليها منذ تسعينات القرن العشرين، وستزداد فرص الانتقال إلى محور هجرة جديد، وهو دول مجلس التعاون الخليجي، فهل دول المجلس مستعدة لهذه المرحلة؟
من المرجح جداً أن تستضيف دول مجلس التعاون اللاجئين العراقيين، كما كانت تستضيفهم في مختلف مراحل تطور الصراع السياسي في بلادهم. لكن المسألة مرتبطة بكيفية التعامل مع مجموعة من الدول المتضادة والمتنافسة فيما بينها على النفوذ السياسي والموارد، وهي التي يفترض أن تحافظ على مواطنيها ومكتسباتهم.
ستجد دول المجلس نفسها أمام وضع صعب ومعقد، فتحولها لدول مستقبلة لموجة الهجرة القادمة من دول العراق سيزيد من تورطها تدريجياً في لعبة الصراع السياسي في تلك المنطقة الملتهبة. ففي الوقت الذي ستحاول فيه الدول الخليجية الابتعاد عن التورط في الصراع بين الدول العراقية، ستجد نفسها تتورط أكثر فأكثر بعد أن تجد نفسها ملازمة تجاه اللاجئين العراقيين الذين استضافتهم.
تلك مرحلة مرتقبة للعلاقات الخليجية - العراقية، وتجاهل احتمالاتها يعني تجاهل مرحلة قد تكون تداعياتها صعبة جداً.