الرأي

نوابنا الأفاضل يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم

كلمــة أخيــرة









أعزائي النواب، إخواني، أبنائي، ممثلينا الأفاضل، رئيسكم رتب لكم جلسات خاصة مع وزارة المالية لإعطائكم نبذة عن كيفية إعداد الميزانية والأسس التي تبنى عليها القاعدة المالية، وذلك موضوع معقد يصعب على معظمكم فهمه كما يصعب على 99.9% من الناس، ومنحكم فرصة لتتعلموا علماً نافعاً، تستفيدون منه أثناء اطلاعكم على المشروع بقانون للميزانية وتفيدون به أمتكم وناسكم ومن اختاركم.
أغلبكم سيرى مشروع الميزانية للمرة الثانية في حياته، والمرة الأولى كانت جديدة عليكم ولاقت صعوبة جديدة لمرورها على عقولكم وقدرتكم الاستيعابية، وذلك ليس عيباً ولا قدحاً، فالأمر تخصصات، فإن جاءتكم الفرصة إلى بابكم وأعطيتم اللقمة (مصلمة) أي (مقشرة) لتفهموا أسس وقواعد صياغة هذا المشروع فلمَ الاستنكاف من الحضور والاستفادة؟
من أصل 40 نائباً لم يحضر سوى 12؟ نعرف أن أحد النواب مسافر وهو الأخ محمد الجودر، فأين 27 نائباً؟ لماذا الغياب؟ من أنتم حتى تستنكفوا من الحضور؟ إذا كان الرئيس هو أول الحاضرين وقد قام بذلك مشكوراً حتى يرفع عنكم الحرج، فما هو عذركم؟ أهذا أول غيثكم؟ أليست الميزانية من أهم وأصعب المشاريع بقوانين التي تمر على أي سلطة تشريعية؟ أتعتقدون أن مهمتكم تقتضي التصويت بنعم أو لا عليها فحسب؟ أم غاب عنكم أن مهمتكم مناقشة الحكومة في كل بند من بنود توزيعها؟
ألم تدركوا بعد أن العديد من الأمور يمكن معالجتها من هذا النقاش لإعادة توزيع بنود الميزانية؟ أم أن العملية عندكم استسلام وملل واستهانة بأمانتكم التي حملناكم إياها؟
في البحرين نقول (الشرهة مو عليكم الشرهة على من لا يحاسبكم) أي أن العتب ليس النائب النائم والنائب المتساهل والنائب عديم الضمير والذمة، بل على أبناء الدوائر الذين تركوا مهمة محاسبة النائب ولا يتذكرونه إلا وقت الانتخابات، ولولا أن النائب يعرف هذه الحقيقة لما استهان بكم.
نوابنا يعرفون أن العملية الانتخابية لا علاقة لها بقدرة النائب على أداء مهامه الرقابية والتشريعية، وقت الانتخابات الحسبة مختلفة تماماً، الاختيارات تتم بناء على سني أو شيعي، إخواني أو سلفي، أي مرجعية تقف وراء هذا المرشح أو تلك المرشحة، (رفيجنا) ونعرفه أحسن من الآخر الذي لا نعرف، الحسبة بناء على غسالات وثلاجات ومكيفات!! فلمَ يتعب النائب في التعلم واكتساب المهارات؟
أعرف أن كلاماً كهذا مؤلم لأنه يجسد واقع أن الغالبية العظمى من الكتلة الانتخابية غير مؤهلة للاختيار، وبالتالي غير مؤهلة لمراقبة من انتخبته ومن أوصلته لكرسي النيابة، فلهذا يأتي لنا نواب بالفعل لا يعلمون (وين الله قطاهم)، الكلام مؤلم لأنه يطال شريحة لديها عقل ولديها ضمير ولديها حس رقابي ومؤهلة لأن تمارس حقوقها السياسية، لكنها شريحة ضائعة غير منظمة كنقطة في بحر الظلمات، تدفع ثمن تشتتها وغياب تنظيمها، وتتحكم فيها تلك الغالبية التي تختار بناء على المعايير السابقة، وهذه هي ضريبة الديمقراطية، إنها أداة تمنح لكل مواطن بالغ، إن لم يرتكب جرماً وصحيفة سوابقه نظيفة، فله حق الانتخاب، وهذه هي النتيجة.
و ليت من اخترناهم ومن أوصلناهم لسدة القبة البرلمانية يكتفون بالنوم وعدم الحضور، إنما الأدهى أنهم منشغلون برفع قضايا في النيابة على من يحاسبهم ومن ينتقدهم، ويجدون الوقت للخروج من البيت والبحث عن موقف سيارات في المنطقة الدبلوماسية وبذل الجهد والعناء لتقديم البلاغات، ولا يجدون الوقت لحضور جلسة يستفيدون منها ويفيدوننا بها، يعني (من خيرهم ما خيروني ومن شرهم ارهوا عليا).