التحديات الأمنية المستقبلية.. التطرف
نظــــــرات
الخميس 06 / 10 / 2016
لدى كل مجتمع القابلية للتطرف، كذلك لدى البحرينيين القابلية للتطرف، شاهدنا هذا التطرف لدى من انتهج أيديولوجيات سياسية راديكالية وعاث في البلاد فساداً بممارسته الإرهاب الفكري قبل الإرهاب المادي من قنابل مفخخة إلى استهداف المدنيين ورجال الأمن.
التطرف في التاريخ السياسي البحريني ارتبط كثيراً بالجماعات التي تتبنى أيديولوجيات ثيوقراطية راديكالية أو متشددة، ولم يظهر التطرف على الأيديولوجيات الأخرى بنفس الوضوح.
حتى نقضي على التطرف يجب الانتباه لطبيعة البحرين من منظور الجغرافيا السياسية، فهي جزيرة، وسكان الجزر دائماً ما يكونون من الشعوب المعتدلة الرافضة للتطرف والتشدد. فماذا حدث إذن؟
تمكين بعض الجماعات الثيوقراطية من المكونين السني والشيعي في الدولة ساهم كثيراً في تغلغل كوادر هذه الجماعات، ونشرهم للأفكار المتطرفة لتتحول هذه الأفكار إلى سلوك يمكن مشاهدته في الأعمال الإرهابية داخل وخارج البلاد، ويمكن الاستماع إليه من المنابر الدينية أو من خلال شبكات التواصل الاجتماعي.
تلك هي منظومة إنتاج التطرف في البحرين التي تعتمد على ثلاثة عناصر: السيطرة على دور العبادة، السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني، امتلاك نفوذ إعلامي هائل. هذه العناصر الثلاثة أتاحت لقوى التطرف التغلغل داخل مؤسسات الدولة، والتحكم باتجاهات الرأي العام.
لذلك فإن حملات ترشيد الخطاب الديني، أو دعوات التسامح، أو عرائض السلام وغيرها من تكتيكات العلاقات العامة لن تكون مجدية في محاربة التطرف باعتباره تحدياً مستقبلياً للأمن الوطني. بل سيكون مجدياً استهداف منظومة إنتاج التطرف في البحرين، فمنها تبدأ محاربة التطرف والقضاء عليه. إضافة إلى ذلك يجب مراجعة حزمة التشريعات الوطنية المتعلقة بتجريم التطرف، والترويج له، أو دعمه مادياً ومالياً، ومحاسبة من يتورط بذلك مع تشديد العقوبات. لأننا هنا نتحدث عن تحدٍّ من تحديات الأمن الوطني.
التطرف في البحرين لم يكن يوماً محلي المصدر، بل دائماً ما تقف وراءه أطراف خارجية تعمل على تغذيته ودعمه في البحرين لتحقيق أجندات. تلك العلاقات المشبوهة التي تربط الجماعات الثيوقراطية الراديكالية أو المتشددة في المملكة بالجماعات الخارجية لا بد من قطعها نهائياً وتجريمها قانوناً.
جوانب مهمة ينبغي معالجتها لمحاربة التطرف بشكل مبتكر، ولا بد من الانتباه إلى أن التطرف لم يعد ذلك الخطاب الذي يمكن الاستماع إليه من شخص لآخر، أو في إحدى مؤسسات المجتمع المدني أو خطبة في إحدى دور العبادة. بل هو خطاب قادر على الوصول إلى جيب كل فرد أينما كان وفي أي وقت مع انتشار الهواتف الذكية.