الرأي

زحمة يا دنيا زحمة..!!

من القلب



أضحك على البعض عندما يقولون إنهم «يمكنهم أن يجوبوا البحرين شمالاً وجنوباً في قرابة ساعة واحدة» – طبعاً أكيد هؤلاء لا يعيشون في البحرين - إن جاز تعبيرهم فإن المسافة بين الحد إلى الرفاع أو أي منطقة من مناطق البحرين عبارة عن «حذفة حصى»، يصل الشخص إلى المكان الذي يريده بسرعة، لا مسافة بين المحرق والرفاع والزلاق والدرة، كأنهم يقولون كل ما تحتاجه هو خارطة البحرين، وقلم رصاص وتمد خط قصير لتصل إلى المكان المحدد في وقت قصير جداً، وهم لا يعلمون أن ما خفي كان أعظم من تكهناتهم المرورية، وكأن دول العالم ومنها البحرين أبداً لا تعاني من الاختناقات المرورية والازدحام الذي يقصر من العمر صباحاً وظهراً ومساء، ويزيد من شقاء السائق أكثر عندما يأتي من خلف طوابير السيارات، سيارة إسعاف تبعث الخوف في قلوب الناس، لا تدري عن حالة المريض ومدى جدية مرضه، فالجميع يتنحى جانباً في عراك مع المسافة التي تبعد بينه وبين السيارة التي أمامه وعلى جانبيه لعل وعسى يصل المريض إلى المستشفى من غير خسائر.
الاختناقات المرورية والازدحام غير طبيعي في الشوارع أصبح واضحاً مع بداية العام الدراسي، فبرغم أننا سعداء لدخول أبنائنا المدارس والجامعات، إلا أننا بصراحة نعاني الأمرين من الازدحام مع بداية العام الدراسي، وعطلة نهاية الأسبوع الخميس والجمعة، فبرغم التوسعة في بعض الشوارع وإنشاء جسور عديدة إلا أن المشكلة تتفاقم وأبداً لا تنتهي ولابد من إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة الصعبة.
نعم، لول والله يرحم لول، كانت الحركة المرورية انسيابية جداً، ويرجع ذلك بالتأكيد إلى أسباب عديدة منها أن مناطق البحرين كانت قليلة مقارنة ببحرين اليوم، فهناك مدن جديدة انشئت نتيجة ازدياد العدد السكاني والكثافة السكانية في المنطقة الواحدة والحياة المدنية التي آلت إليها البحرين، وهذا كله أدى إلى ازدياد في عدد العمالة الوافدة إلى البحرين وازدياد عدد السيارات بالإضافة إلى تغيير واضح في طبيعة الثقافة التي يمارسها المواطن والمقيم، بمعنى آخر، لم تعد البحرين كما كانت في السابق، فمتطلبات اليوم تختلف عن متطلبات وحياة الأمس، كما أن المستقبل لا يمكن التنبؤ به، غير أن الخدمات ستتنوع وتزداد مع ازدياد عدد السكان في البلاد.
وبما أننا نحن أبناء اليوم، فنحن نعاني منذ زمن من الازدحام المروري في كل مكان وفي كل مدينة، ونأمل بحلول جذرية للحد من هذه المشكلة ولا أحد يقول لي إن «الحل هو أن يكون لكل أسرة سيارة واحدة أو بالكثير سيارتين»، فهذا معناه تقييد حرية الآخرين - الأبناء وأولياء الأمور، ولست أيضاً من يضع الحلول والاستراتيجيات في هذا الشأن، فهناك جوانب عدة يجب النظر إليها، هناك جانب اقتصادي وسياسي واجتماعي، فأصحاب الشأن والقرار هم يعلمون تماماً أين يكمن الخلل؟ وكيف يمكن الوصول إليه؟ ولكن يجب إعادة النظر في بعض الجزئيات والتركيز على أن الجميع يشكل عدد السكان، المواطن والمقيم والعمالة الوافدة والعمالة السائبة وجميعهم ما داموا على أرض الوطن لهم حقوق كما الواجبات ولكن يبقى أن البحرين برغم مساحتها الصغيرة تكاد تنفجر من كثرة السيارات، فمثلما أوجدت إدارة المرور حلولاً للحد من السرعة وكثرة الحوادث، نأمل من الجهات أيضاً إيجاد حلول للحد من الازدحام المروري الذي يكاد يخنق الجميع، فهل من حلول جادة تجعلنا نذهب إلى مكان عملنا ونرجع إلى بيوتنا ونحن نبتسم تحت أشعة الشمس على أغنية «زحمة يا دنيا زحمة.. زحمة ولا عادش رحمة»؟!