الرأي

حين نصاب بالزكام تحل الكارثة

رؤى



حتى من تعطل أنفه عن العمل يشعر بأن هنالك رائحة قوية فاحت من طرف المجتمع الدولي حيال ما يجري في المنطقة، فرائحة الحروب والتغيير والتقسيم والفوضى والاقتتال الطائفي والعبثية السياسية وتراشق وتبادل الاتهامات بين الدول وبقية منظمات المجتمع الدولي وغيرها من السلوكيات الدالة على أن هناك أمراً يحاك ضد كل دول الإقليم أصبح من المسلمات، ومن لم يشم هذه الرائحة فإنه بلا أنف أو أنه يغض الطرف عن أمر بات أكثر من كونه شمساً مشرقة للعيان، وهذا ما لا يجوز سياسياً.
رائحة المؤامرات الدولية ضد دول المنطقة فاحت في كل الأرجاء، ولم يعد هنالك وقت للمجاملة أو تلميع صورة من يريد تشويه الصورة، فالحق بين والباطل بين وحين تتعطل حاسة الشم عند السياسيين وأصحاب القرار فإن الحريق سيصل إلى غرف نومنا لأننا لا نستطيع أن نميز رائحة ما يحترق، فكيف والمنطقة تشتعل ونحن مازلنا نتحدث عن العلاقات الثنائية الطيبة الجميلة بين البلدين؟!
حين نميز رائحة المؤامرة فإننا لا ندعو إلى الحرب وإنما ندعو إلى أن نكون أكثر يقظة حتى ننال كامل سيادتنا كشعوب وكدول دون الخضوع لعمليات ابتزاز غربية أو شرقية. إن تدهور كرة الثلج بشكل متسارع في عالمنا والتي باتت تتجه بكل كثافتها نحو الشرق الأوسط والخليج تحديداً تنذرنا أن نكون على دراية تامة بأن هناك من يحيك كل أشكال الضغط والمؤامرات ضد هذه المنطقة، ومع الأسف فإن أكثر من يشارك في هذه الحملات هم بقية العرب حين كانوا الأذرع الناعمة لضرب بعضنا بعضاً في خاصرة وجودنا وكياننا.
لماذا نتجاهل رائحة المؤامرات؟ ولماذا نعطي الضوء الأخضر للغرب والشرق باستباحة نفطنا وأرضنا وشعوبنا وثرواتنا ومستقبلنا وكأننا نعيش بلا إرادة؟ إلى متى ستنتهي مجاملات العرب مع أولئك الذين نصفهم تزويراً بأنهم إخوة لنا في السياسة كما هم أشقاء لنا في التاريخ الحديث وتربطنا معهم أواصر المحبة والأخوة وهم ليسوا كذلك؟ هل أصبحت المجاملات في ظل رائحة الحريق التي أزكمت أنوف العالم حتى وصلت عواصمنا العربية هي من أبرز استراتيجياتنا عند الهزيمة أمام العدو المتدثر بدثار الحليف؟ وهل سنرجو الفائدة من جمعيات الصداقة التي «نعلف» عليها من ميزانيات دولنا، بينما دولهم لا تعرف للصداقة أدنى معنى سوى أن تحيك المؤامرات ضدنا في مطابخها السرية؟ متى سنستيقظ من سباتنا والنيران أخذت تشتعل في ثيابنا بعود ثقاب صنع في الغرب؟