الرأي

أيها العرب.. انتبهوا!

نحو الوعي



يثير موضوع تمكين الفرد أو تحول السلطة من يد الحكومات والشركات الضخمة والجيوش إلى الأفراد، الكثير من الأسئلة حول مصير السلطة في العالم؟ وإلى أين يسير العالم؟ وماذا يفعل العرب؟
وفي هذا السياق بذلت العديد من الجهود، منها تقرير «اتجاهات عالمية 2030.. عوالم بديلة»، في محاولة استكشاف ما سيكون عليه العالم في عام 2030، الذي أعده مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي التابع لمدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، والصادر في ديسمبر 2012، وكتاب موسى نعيم المعنون بـ «نهاية السلطة» الصادر في عام 2013، والذي يؤكد فيه سهولة الوصول إلى السلطة، ?ولكن من الصعب الحفاظ عليها أو استخدامها، وغير ذلك من الجهود التي تمنيت أن يكون أياً منها مكتوباً بيد عربية.
واختيار هذين المصدرين يرجع لأهميتهما، فالأول أعدته جهة رسمية أمريكية، والثاني أعده موسى نعيم وهو - لمن لا يعرفه - شخصية جمعت بين العمل الأكاديمي والسياسي، فهو أستاذ للاقتصاد، ألف العديد من الكتب حول الشؤون الدولية،? ورأس تحرير مجلة السياسة الخارجية، كما شغل منصب المدير التنفيذي السابق للبنك الدولي، والزميل البارز في معهد كارنيجي للسلام الدولي، وكان وزيرالتجارة والصناعة في فنزويلا، ومدير بنك فنزويلا المركزي.
ومن المعلوم للمهتمين بالعمل السياسي وعلم السياسة أن الحديث عن وجود فاعلين جدد من? غير الدول على الساحة السياسية،? سواء الداخلية أو الدولية، ?ليس بجديد، لكونها من بين أهم تداعيات العولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات، فصعود دور الجماعات، والشركات، ?والمؤسسات العابرة للحدود، ودور المنظمات الدولية سواء الإقليمية أو العالمية، فضلاً عن اتجاه بعض الخبراء إلى التركيز علي دورالأفراد ?كفاعلين مؤثرين سياسياً، وهو ما تأكد مثلاً في أحداث ما سمي بـ «الربيع العربي»، ?وهو ما يعرفه نعيم - على سبيل المثال - بـ «القوى الصغرى ?Micro Powers» كالأحزاب الهامشية والنشطاء السياسيين والشباب بلا قيادة المتواجدين في الميادين.?
وهو ما رصده أيضاً تقرير «اتجاهات عالمية 2030: عوالم بديلة»، إذ أشار إلى أن أحد الاتجاهات الكبرى هو تمكين الفرد وتعزيز قدرته على التأثير في الحكم، من خلال دور تقنيات الاتصالات، وتوسيع الطبقة الوسطى العالمية، وغير ذلك من عوامل. وإذا كانت التصورات العالمية تسير في هذا السياق، فقد وجب على العرب أن ينتبهوا إلى أنهم جزء من هذا العالم، وأن العالم لن يشهد استقراراً مرة أخرى، ومن ثم عليهم التعاون معاً كأمة عربية واحدة سيتحدد مصيرها معاً سواء بالبقاء أو بالفناء.
وأرى أن على العرب أن يتكتلوا في نظام اقليمي – سواء من خلال تطوير نظام قائم أو إنشاء نظام جديد – يساعد على الحفاظ على وجودهم، خاصة وأن نطاق عدم الاستقرار في العالم العربي يتسع إما داخل بعض الدول أو على الحدود مع الدول الأخرى، فضلا عن انتشار الفاعلين من غير الدول، وتأثيرهم على ممارسة السلطة، وضرورة القيام بتفاهمات معهم لاستخدام السلطة المفترض أنها بيد الدولة فقط، سواء في بعض القضايا الداخلية أو الإقليمية أو حتى العالمية.
وأقترح أن ينطلق هذا التكتل العربي من خلال عدة مستويات، أولها، بناء قاعدة معلومات عربية، فمن يملك المعلومة سيكون قادراً على تحقيق أهدافه ولديه القدرة على التنبؤ والتعامل مع الفعل دون انتظار، وثانيها، البحث عن الأشخاص القادرين على تحليل المعلومات وتقديرات المواقف، دون التأثر بأية اعتبارات أو توازنات سوى الموضوع ذاته من أجل الوصول إلى النتائج الحيادية له، وثالثها، العمل على بناء قاعدة عربية لصناعة التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، مما يساهم في تحقيق الأهداف السياسية، فالاقتصاد يقود قاطرة السياسة، ورابعها، تبني قضية البحث العلمي والتعليم على المستوى العربي، لتأهيل كوادر علمية عربية في كافة التخصصات - خاصة صناعة التكنولوجيا والتسليح - قادرين على الابتكار والإبداع، وخامسها، مراعاة أن العالم يتجه بعيداً عن الهيمنة الأمريكية، إذ يتجه شرقاً نحو آسيا، لذا وجب الانتباه إلى ذلك، وبناء البدائل وإعدادها للتعامل مع المستجدات على الساحة الدولية.
فهل فهم العرب لماذا يجب أن ينتبهوا؟