الرأي

ولدي و«الدرج»..!!

على بالي




مهما تعددت التسميات والمسميات أو زيدت حركة أو نقص حرفاً، نبقى أننا نواجه حقيقة واحدة لا ثانية لها، فأبناؤنا الذين خصنا الله العلي القدير بهم، عن باقي أولياء الأمور، وميزهم عن سائر البشر، هم أشخاص من «ذوي الإعاقة»، نواجه معهم الكثير من العثرات والمطبات في حياتهم اليومية، يجهلها الكثير ويتغافل عنها كثيرون، آخذين بعين الاعتبار سبب الإعاقة، وحجمها، وموضعها، وتفصيلها، فأنا لست بصدد إعطاء محاضرة عن أنواع الإعاقات وحالاتها ولكن في بالي أن أشارككم قصة سمعتها من إحدى السيدات مؤخراً «لن أذكر اسمها احتراماً لرغبتها»، لأجد سيدة أخرى تشاركنا الموضوع، بدموعها قبل كلماتها، وتسمعنا سيدة أخرى وهي تهز رأسها ألماً وتسرح بنظراتها حسرة، وتفرك بيديها قهراً، وغيرهن كثر، علماً بأن الآباء ليسوا أقل حزناً وقهراً وحسرةً، إلا أن الرجل بشكل عام، والشرقي بشكل خاص، يملك قوة كبيرة تجعله قادراً على ضبط مشاعره والتحكم بمبدأ الأقوال ليترجمها عادة إلى أفعال.
فالسيدة الأولى لديها شاب في السابعة عشرة من عمره، وعنده شلل دماغي، وهو حبيس كرسي متحرك، ولديها ولد وبنت أخريين غيره أصحاء، هذه السيدة تعيش مع عائلتها الصغيرة، أبناؤها وزوجها، ووالدها العجوز في شقة للإسكان بالطابق الثالث، تخبرني: أنا أحمد الله وأشكر فضله عز وجل على كل ما أصابني ويصيب ولدي وغير معترضة ولكن أنا أعاني مرارة وقسوة الحياة، ولا أعرف راحة بال عندما أفكر كيف سيكون مصير ابني من بعدي!!
ولكن قبل أن أسرد لكي قصص معاناتنا الدائمة، أرجو أن تفيديني بحل لمعضلة صعود ونزول «الدرج» وأنا أحمل ولدي الشاب المشلول، والذي بلغ من العمر 17عاماً ما لا يقل عن ثلاث مرات وأحياناً تزيد إلى 10 مرات في الأسبوع.
بالرغم من اعتقاد البعض أنها شكوى بسيطة إلا أنها في غاية الأهمية وتحمل في طياتها مشاكل وأزمات متفرقة، خاصة أنني سيدة أعاني من آلام الظهر المزمن وولدي لم يعد طفلاً بل شاباً ينمو ويكبر ليثقل جسده مع الوقت وتصعب حركته وتزيد متطلباته.
سمعتها وأنا كلي حرقة ماذا عساي أن أفعل؟!
ومن دون سابق إنذار تقطع السيدة الثانية حالة الصمت التي سادت المكان وتقول بكل قهر هذا جزء صغير جداً مما نعانيه وأبناؤنا في اليوم مئات المرات، وطبعاً السلسلة تطول ولن يكفي الشرح أسطر معدودة، فكل ما تم ذكره هذا، وأنا لا أزال في أول المقدمة من سرد القصة والتي بدأت بسؤال عجزت عن الإجابة عليه.
فهنا لابد أن يكون لوزارة الإسكان الموقرة بالإضافة إلى الوزارات المعنية الأخرى دوراً هاماً في النظر بمثل هكذا معضلات تعيق حياتنا، وذلك كي نلغي القاعدة التي تقول «ما من شخص معاق ولكن هناك بيئة معيقة».