استراتيجية «حزب الله» الجديدة
صهيل
الجمعة 19 / 08 / 2016
كذبة جديدة يروج لها ما يسمى بـ «حزب الله» هذه الأيام أو لنقل دعاية إعلامية جديدة، وهي المتعلقة بتواجد عناصره للقتال في سوريا إلى جانب نظام حكمها البائس، هذه الدعاية والتي جاءت على لسان رئيس مجلس الحزب السياسي إبراهيم السيد مفادها أن «حزبه يتواجد في سوريا لإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد».
وأعتقد أن «حزب الله» هنا اتخذ استراتيجية جديدة لتبرير تواجده في سوريا وقتاله إلى جانب بشار الأسد، وهذه الاستراتيجية مبنية على العاطفة ودغدغة مشاعر المواطن العربي الذي يعلم جيداً ما يسمى بـ «مشروع الشرق الأوسط الجديد»، وهذا التبرير قائم على أساس العروبة والدفاع عن الوحدة العربية وليس عن بشار فقط، وبالتالي لابد أن يحظى بدعم و»دعاء» المواطن العربي الذي بلاشك يرفض أي نوع من التقسيمات للوطن العربي.
ولكن نحن نتذكر قبل سنوات قليلة عندما قرر الحزب خوض الحرب في سوريا، لم تكن حينها العروبة أو مقاومة ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد دافعاً له أو سبباً لمشاركته بتلك الحرب، وإنما كان الدافع المعلن هو حماية المزارات والمراقد في سوريا، إلى جانب الدافع غير المعلن وهو الذود عن نظام بشار الاسد.
إن ما يروج له الآن وهو الدفاع عن الوحدة العربية وحمايتها من التقسيم الغربي، ما هي إلا «موضة» حزب الله الجديدة، بغية استدرار العاطفة العربية و»مباركة» العرب لتضحيات هذا الحزب الكبيرة وما يقدمه من أجل العرب في وجه الساعين إلى تقسيم العرب وبعثرة دوله يميناً ويساراً!
هذه الاستراتيجية الجديدة لـ «حزب الله»، وما يصاحبها من حملات إعلامية قادمة يراد لها ترسيخ تلك الاستراتيجية، لن تجدي نفعاً، ولن تنطلي تلك الأكاذيب وحيل الحزب الخبيثة على المواطن العربي، لأسباب معروفة وهي أن هذا الحزب مرجعتيه إيران التي آخر اهتمامها تحقيق العرب لحلم الوحدة العربية، بل إنها تعمل عكس ذلك تماماً، فهي من تسعى إلى ضرب وحدة العرب، وتشتيت شملهم، وجعلهم مختلفين دائماً، وتحرص على عدم استقامة أمرهم أو اجتماعهم على كلمة، بدليل تدخلاتها المستمرة في الشأن العربي والتي لم تجلب إلا الدمار في دول مثل العراق واليمن ولبنان وسوريا، وتحريضها الطائفي الدائم في دولنا الخليجية، فهل من يقوم بكل تلك المساوئ للعرب حريص على وحدتهم أو الدفاع عنهم؟
إن كان»حزب الله» مصمماً على استمراره في حرب سوريا فعليه أن يعلن أنه يفعل ذلك تحت أعذار أخرى ليس من بينها الترويج للدفاع عن العروبة، أو لإفشال ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد، لأنه لا يمثل الأمة العربية، بل يمثل إيران والأمة الفارسية، وشتان بين الأمتين، لذلك لا يمكن لعاقل أن يصدق بأن من يدافع عن وحدة العرب هو حزب يوجه ويمول من إيران.
أعتقد أن استراتيجية «فشل أو إفشال» ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد سيكثر تداولها خلال الفترة المقبلة من قبل هذا الحزب وأذرعه في المنطقة، وستركز عليها الأبواق الإعلامية التابعة للحزب والممولة من إيران، لإيهام الرأي العام العربي بأن هذا الحزب هو بالفعل «صاحب الفضل» في إفشال ذلك المشروع الغربي، وأن لولاه لنجح الغرب في مشروعهم المزعوم في الشرق الأوسط.
هذه الاستراتيجية تشبه بالضبط ما تروجه إيران وتوابعها في العراق بالنسبة لما يسمى بـ «الحشد الشعبي»، حيث يسوق لهذا الحشد بأنه هو السبب الأول في إيقاف زحف ما يسمى بـ»داعش» لدول مجلس التعاون، وأن لولا قواته لوصلت عناصر «داعش» إلى منازلنا، ولكننا نعلم جيداً أن «الحشد الشعبي» وجد لكي ينكل بالطائفة السنية من الشعب العراقي، واسألوا العراقيين الذين أنجاهم الله من بطش هذ الحشد، وفي المقابل، فإن مواجهة هذا النمط من الاستراتيجيات الخبيثة يكون من خلال إعلام قوي ومؤثر قادر على كشف كذبهم ودجلهم وادعاءاتهم، فهذا ما نحتاج إليه الآن.