الرأي

الأمريكان والخليجيون.. علاقات متذبذبة

نظــــــرات




تحذر بعض التقارير الدولية من التغيرات التي يمكن أن تطرأ على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في حال فوز الجمهوريين بالانتخابات الرئاسية الأمريكية مطلع نوفمبر المقبل، ووصلت مثل هذه التحليلات إلى توقعات بإمكانية تفكك الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب.
قد يتسم هذا التحليل بالواقعية إذا أدركنا أن الجمهوريين كانوا من أكثر المعارضين لهذا الاتفاق، وانتقدوه بشدة. لكن الثابت أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تعمل وفق أيديولوجيات مقارنة بالمصالح التي تشمل مصالح استراتيجية ثابتة، وأخرى مصالح متغيرة.
لذلك لن يتاح للجمهوريين التنازل عن الاتفاق النووي الإيراني بسهولة كما قد يتصور البعض، فهناك التزامات متبادلة، وهناك مصالح مشتركة تم بناؤها بين واشنطن وطهران. لذلك لا يبدو أن هذا الاتفاق المثير للجدل سيكون محل نقاش خلال الفترة المقبلة، ولا يمكن ذلك إلا إذا كان هناك اتجاه جديد في السياسة الخارجية الأمريكية عن الاتجاه السابق السائد خلال حكم الديمقراطيين.
لا يوجد حماس كبير لتغيير نمط العلاقات الخليجية - الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، لذلك فإن سيناريو العلاقات المذبذبة هو الذي سيحكم علاقات الطرفين.
في كتابي الأحدث «الخليج بدون الأمريكان» تناولت هذا السيناريو الذي يعتمد على استمرار الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي، ما يعني استمرار النفوذين السياسي والاقتصادي خلال الفترة المقبلة، ولكن الأهم فيه انعدام الثقة في العلاقات الخليجية - الأمريكية، وبالتالي سيشهد تذبذباً في العلاقات التي قد لا تخلو من أزمات من وقت لآخر.
ثلاثة عوامل ستساعد على تحقيق هذا السيناريو مبكراً، وهي تنامي العلاقات الأمريكية - الإيرانية لتصل إلى مرحلة التحالف، وإنهاء الملف النووي الإيراني وهو ما تم بعد إبرام الاتفاق المثير للجدل، إضافة إلى عدم الحسم في المسائل الإقليمية العالقة بين دول مجلس التعاون الخليجي وواشنطن، حيث تنتظر دول المجلس من واشنطن حسماً في سياستها تجاه العلاقات مع إيران، أو الأوضاع غير المستقرة في العراق، والحرب الأهلية في سوريا، وأيضاً الحرب في اليمن.
الأمريكان أنفسهم لا يعرفون ما إذا كان لهم أصدقاء في الشرق الأوسط، أصدقاء وليس حلفاء! لذلك يجب ألا يتوقع الساسة في واشنطن أن مستقبل العلاقات الأمريكية - الخليجية مستقبل مشرق، بل هو مستقبل صعب لن يخلو من الأزمات المتكررة بعد فقدان الثقة بين الطرفين، والمسألة بحاجة لسنوات طويلة حتى تتم معالجتها إذا كان لدى الإدارة الجديدة في البيت الأبيض مثل تلك الرغبة أو الإرادة.