أمريكا وبريطانيا.. حلال عليهم وحرام علينا!
صهيل
الجمعة 22 / 07 / 2016
عندما يتعلق أي أمر بأمن أمريكا القومي، ترفض الولايات المتحدة وبشدة أي تدخلات أو انتقادات ضدها، بل وتدافع بشراسة عما تعتقد أنه حق لها للحفاظ على أمنها القومي، ونفس الأمر يتعلق ببريطانيا.
وبصراحة أرى أن معهما الحق، فكل دولة لا بد أن تحفظ أمنها واستقرارها من أي شغب قد تتعرض له، ومثلما لأمريكا وبريطانيا حق في حفظ أمنها واستقرارها، فللدول الأخرى أيضاً مثل هذا الحق دون تدخل من أحد، سواء أمريكا أو بريطانيا أو غيرهما، ولكن ما يحدث على أرض الواقع خلاف ذلك، فأمريكا بالذات وبريطانيا تصران على التدخل في شؤون الدول الأخرى التي تتعرض لأعمال شغب، متحججتين بـ «حقوق الإنسان»، وكأنهما توجهان الدول التي تعاني من الشغب بكيفية التعامل مع المشاغبين.
ومناسبة هذا الحديث هو ما أقدمت عليه بريطانيا وأمريكا من تدخل في شؤون البحرين الداخلية عندما انتقدتا قراراً صادراً عن القضاء البحريني بشأن جمعية الوفاق، وكأنما أمريكا وبريطانيا انحازتا بشكل أو بآخر لجهة كانت سبباً رئيساً في أحداث الشغب التي طالت البحرين، وتسببت في الاحتقان الطائفي في البلاد، وبالرغم من الصبر على هذه الجمعية وإساءاتها المتكررة، إلا أنها لم تتغير بل واصلت أعمالها المرفوضة في مجتمعنا المسالم، لذلك تم اللجوء إلى القانون الذي قال كلمته وحكمه فيها.
ولكن أن تتدخل أمريكا وبريطانيا وتنتقدان حكماً قضائياً صدر ضد جمعية الوفاق، أمر لا نقبله كشعب تعودنا على احترام القانون، ونثق في نزاهة قضائنا واستقلاله، وهو تدخل غير مقبول في شؤون المملكة الداخلية، وأمريكا وبريطانيا بمثل هذا الموقف تتعاطف مع من هدد الأمن والاستقرار، وأحدث الانشقاق والضرر في بلد يحمل رسالة سلام للعالم أجمع، فهل ترضى أمريكا وبريطانيا أن يتدخل أحد في شؤونهما الداخلية أو أن يتعاطف مع من يمارس الإرهاب والشغب وخلخلة الأمن لديهما؟
جميعنا نعلم ما قامت به أمريكا من تعامل وحشي ضد المتظاهرين مؤخراً في ولايات مينيسوتا ولويزيانا ممفيس وتينيسي، ووصل إلى حد القتل، والتنكيل الوحشي والعنف ضد المتظاهرين، واعتقال أكثر من 200 منهم، وقد اعتبر هذا التصرف مقبولاً عند المسؤولين في أمريكا، لدرجة أن حاكم لويزيانا جون بيل إدواردز عقب على تعامل الشرطة مع الشعب الأمريكي بقوله: «إنني فخور بطريقة معالجة الشرطة الاحتجاجات حتى الآن».
وجميعنا يذكر تعامل بريطانيا مع المتظاهرين في أحداث شغب لندن في أغسطس 2011، والتي راح ضحيتها قرابة 5 قتلى، واعتقال أكثر من 1100 شخص، وتعاملت الشرطة البريطانية مع تلك الأحداث بكل عنف دون مراعاة لحقوقهم الإنسانية، وهناك تصريح مشهور لرئيس الوزراء السابق كاميرون نقلته صحيفة «تليغراف» عندما قال: «عندما تصل الأمور للأمن القومي لا تسألني عن حقوق الإنسان».
وهذا غيض من فيض، وما خفي أعظم، فانتهاكات حقوق الإنسان التي تتشدق بها دول غربية لم تتوقف يوماً ما، ولكن الملفت للانتباه أن المنظمات المعنية بحقوق الإنسان لم تنبس ببنت شفة حول أحداث الشغب في أمريكا مؤخراً وبريطانيا سابقاً، وفي المقابل فإن تلك المنظمات تتربص بالبحرين، وتصدر تقارير مشوهة للحقائق وغير صادقة ضد المملكة التي مارست حقها في حفظ أمنها واستقرارها وحماية شعبها.
وهذا إن يدل على شيء فيدل على الكيل بمكيالين، فعندما يتعلق الأمر بدول كبرى لن تتجرأ تلك المنظمات على انتقاد إجراءات تعامل تلك الدول مع المتظاهرين، حتى وإن مارست كل أنواع العنف ضدهم، والعكس صحيح، فدولنا الخليجية والعربية مستهدفة من تلك المنظمات حتى وإن تعاملنا بشكل إنساني مع محدثي الشغب، والموضوع هنا ليس حقوق إنسان وإنما شيء آخر أكبر من ذلك.
إن أمن البحرين الوطني لا يختلف عن أمنهم القومي، وسيادة المملكة على أرضها، لا تختلف عن سيادتهم على أرضهم، وتطبيق القانون لدينا، لا يختلف عن تطبيقهم لقوانينهم، وثقتنا في نزاهة قضائنا، لا تختلف عن ثقتهم في قضائهم، ومن حق مملكتنا أن تحفظ للشعب الأمن والاستقرار، مثلما هو حقهم في حفظ أمنهم واستقرارهم، فلماذا يحرمون على الآخرين ممارسة حقهم، في وقت يحلون لأنفسهم ممارسة نفس ذلك الحق؟