الرأي

نحن في ورطة حقاً!!

رأيي المتواضع




على إثر عارض صحي تم تحويل المربية التي تعمل لدينا إلى قسم الطوارئ التابع لمستشفى السلمانية.
ومن باب الإنسانية والرحمة قررت مرافقتها إلى هناك، بدت الخدمات الطبية المقدمة للمرضى رائعة ومتكاملة مقارنة بعدد المرضى، فالخدمات تعد سريعة «نسبياً»، ناهيكم عن الربط الإلكتروني الذي يربط بين المراكز الطبية الحكومية والذي يعد إنجازاً حقيقياً لوزارة الصحة.
كانت تجلس بجواري امرأة تحمل صبياً في العاشرة من العمر، يظهر من شكله أنه يعاني من الإعياء وفقدان الوعي، بسبب سقوطه على الأرض، كما كان يوجد أمامي عامل يتدفق الدم من ساقه أثر حادث ألم به.
وكان معظم المستفيدين من خدمات الطوارئ هم من «الأجانب».. أعتذر.. ولكن يجب أن نعترف أننا في ورطة.. ليست ورطة «الأجانب أو الوافدين أو المجنسين»، لا، إننا في ورطة جراء عدم تقبلنا للآخر، فبعضنا ما زال يستشعر بأن هؤلاء «الأجانب الوافدين» ليسو جزءاً من منظومة المجتمع البحريني. ولا يتقبل انتفاعهم بالخدمات الحكومية التي يستشعر المواطن البحريني أنها حق أصيل وجد من أجله فقط، وأن المواطن البحريني له الأحقية والأولوية في استخدام الخدمات، حتى وإن كانت تتعلق بخدمات إنسانية كالخدمات الطبية.
ولكي أوضح الصورة أكثر كانت تجاورني سيدة بحرينية لم تترك دعاء «سلبي» إلا وتفوهت به في حق الأجانب المرضى هناك!!
«الله ياخذهم مشاركينه في كل شيء»!! «حسبي الله عليهم دخلوا «الوافد» قبلي وأنا بنت البلد»، علماً بأن الوافد الذي حصل على أسبقية كما تدعي كان يعاني من حادث أليم وكان ينزف!! ثم واصلت «هذي المتبرقعة مو بحرينية أصيلة.. هذلين عاد يموتون على البلاش!! الحين بتاخذ الأدوية وبتوديهم حق أهلها في الصيف!!
وجاء شخص آخر، وقال بنبرة تعالي وغرور «ايش هالمكان كله «وافدين»!! خلاص الديرة صارت مو لنا»!! والعديد من المواقف التي لا أود أن أذكرها لأنها تنم عن عدم «الإنسانية».
إننا فعلاً في ورطة!! إننا نعاني من مجتمع غير متجانس غير متناغم، مجتمع لا يؤمن بالاختلاف ولا بالتعددية.
أذكر في نفس هذا التوقيت تقريباً من العام الماضي كنت في سويسرا، وتعرضت صديقتي لحادث بسيط اضطررنا على إثره لنقلها لأقرب مستشفى!! انتظرنا هناك قرابة الساعتين دون أن تتمكن صديقتي من رؤية الطبيب. كان المكان مزدحم بالمرضى ورغم ذلك لم ألاحظ بتاتاً انزعاج أي شخص من وجودنا بينهم ونحن غرباء في الشكل واللون واللغة والمعتقد والدين!! ولم يبد أي شخص امتعاضه من وجودنا مطلقاً.
كان الجميع هناك مشغولين في أنفسهم. ولم تطالنا نظرات من الموجودين في المستشفى تستنكر وجودنا فهم يتقبلون الاختلاف، فألوانهم وأصولهم مختلفة ولكنهم متجانسون يتقبلون الآخرين حتى وهم مختلفون عنهم!!
نحن في ورطة فعلياً تستوجب وضع حل جذري لها، وإلا تفاقمت هذه الورطة وأصبحت أزمة فعلية، حيث إن عدم وجود تقبل للآخرين يسبب وجود تكتلات وأحزاب. ومن شأن هذه الأحزاب والتكتلات التي تستشعر أنها أقلية وأنها غير متقبلة مجتمعيا أن تبحث لها عن كيان يحتضنها ويرحب بها ويتقبلها.
نحن في المجتمع البحريني بتنا أكثر انقساماً من أي وقت فأي شخص يختلف معي في جنسيته أو أصله أو عرقه أو لونه أو معتقده، أو دينه ونسبه هو شخص «دخيل» وغير مرحب به!!
أعتقد أن على الدولة أن تبذل جهوداً كبيرة في مجال نشر ثقافة الاختلاف وإشاعتها بين أفراد المجتمع، فمعظم الدول الكبيرة والثابتة والراسخة قامت على أساس الاختلاف، واستطاعت بطرق مختلفة صهر الجميع في قالب «المواطنة» فأصبح الجميع ينتمي للوطن فقط ولا شيء غيره.