الرأي

تخبطات الأمم المتحدة

صهيل




بعض المسؤولين في الأمم المتحدة تعددت أخطاؤهم هذه الأيام، فأصبح المسؤول يصرح بمعلومات غير صحيحة وغير دقيقة وتجانبها الحيادية في الطرح، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هؤلاء المسؤولين وثقوا بتقارير عشوائية، مشوهة المعلومات، ومجهولة المصدر، وهو أمر مستغرب أن تصدر مثل تلك التصريحات من جهة دولية يفترض أن يكون العمل فيها على درجة عالية من الإتقان والاحترافية.
بالأمس القريب تحدث المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن «رفع اسم تحالف دعم الشرعية اليمنية من قائمة سوداء بشأن حقوق الأطفال انتظاراً للمراجعة»، لكن المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي، أكد أن «الرفعَ نهائي، وأن الأمم المتحدة تلتمس الأعذار عن التقصير بشأن إدراج التحالف في القائمة»، مشيراً إلى أن «المملكة والتحالف لا يقبلان إدراج اسميهما في قائمة مماثلة»، «انتهى».
الأمين العام للأمم المتحدة كان في غنى تام عن هذا التخبط الذي وقع فيه لو وصلت إليه تقارير صحيحة ودقيقة المعلومات عن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «إعادة الأمل» بقيادة السعودية، ولم يحتج لأن يخطئ ويتسبب في غضب التحالف من جهة، وغضب من هم ضد التحالف من جهة أخرى -بعد تراجعه عن كلامه- أي أنه تسبب في غضب الطرفين.
وقبل أيام قليلة، وقع المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد الحسين في خطأ كبير جراء تخبط جديد، يتعلق بحقوق الإنسان في البحرين، وذلك خلال كلمته الافتتاحية للدورة الـ32 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، تلك الكلمة التي تؤكد أن الصورة التي وصلته عن البحرين مشوهة وغير مكتملة المعالم، وأن ما يصله من تقارير من موظفيه ليست دقيقة، وهنا من حقنا أن نسأل، من أين للمفوض السامي المعلومات التي قالها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البحرين؟ وما هي مصادره؟
عندما تكلم الأمير زيد عن البحرين اعتقدت لبرهة أن من يتكلم هو أحد أعضاء جمعية «الوفاق» -التي أغلقت مؤخراً ونأمل أن يكون إغلاقها للأبد- أو تلك الشرذمة التي تكيل لوطننا، والقابعة في بعض الدول الأوروبية، لم أكن أتصور أن تلك المعلومات يقولها المفوض السامي هكذا دون مصدر يؤكد صحتها، نحن لا ندعي أن البحرين «مدينة أفلاطون الفاضلة» والأخطاء واردة وقد تقع، فلسنا معصومين، ولكن لابد من مصدر صحيح معلوم وموثوق عند ذكر الأخطاء حتى يتم تصحيحها، وليس الاتكال على مصادر مجهولة الهوية، وما أكثرها تلك التي تتعرض للبحرين وتحاول النيل منها مستغلة الحقوق والحريات كمداخيل وأعذار لها.
شخصياً أكن للأمير زيد كل الاحترام، وهو مدافع متميز عن حقوق الإنسان في كل العالم ولقد استشهدت بتقاريره في بعض المناسبات، ولكن عندما انتقد حقوق الإنسان في البحرين وبهذا الشكل غير الدقيق، كان أمراً غير متوقع وليس بلائق من شخصية بحجم ومنصب هذا الرجل.
إن كان لدى الأمير زيد ملاحظات وردت إليه بأي شكل من الأشكال، وتتعلق بحقوق الإنسان في البحرين أو استفسارات يرغب في إيجاد أجوبة لها، فلماذا لا يتعامل مباشرة مع جهة رسمية فهو مقيم في جنيف ولدينا بعثة دبلوماسية دائمة فيها، فلماذا لا يوجه استفساراته للبعثة؟ كما أنه على تواصل واتصال بمسؤولين في البحرين فلماذا لم يتحقق منهم بشأن البحرين وأوضاع الحريات والحقوق فيها بدلاً من الاتكال على تقارير من موظفيه لا نعلم من أين جاءت؟!
أتمنى أن يملك المفوض السامي الجرأة ويتراجع عن ادعاءاته، كما تراجع الأمين العام للأمم المتحدة بشأن التحالف العربي، وأتمنى أن يتحرى هؤلاء المسؤولون الدقة في نقل المعلومات عن دول أو جهات أخرى، من خلال تقارير موثوقة وليس تقارير متخبطة أو مشوهة المعلومات، فذلك عمل المنظمات التي «تتكسب» من الحريات والحقوق، وليس عمل أعلى هيئة دولية في العالم كالأمم المتحدة.