الرأي

أمريكا قلقة على «الوفاق».. ونحن قلقون على أمننا

نظــــــرات



لم يتوقف الحليف الاستراتيجي الرئيس يوماً عن الإضرار بحلفائه في الخليج العربي، لأن مصالحه مع طهران أهم بكثير من مصالحه مع دول مجلس التعاون. لذلك تتكرر المواقف والتصريحات الأمريكية الناقدة بشدة للأوضاع الداخلية في البحرين.
منذ أحداث 2011 على الأقل، وواشنطن تستمر في مواقفها العدائية تجاه البحرين، وتؤكد في الوقت نفسه أنها حليف استراتيجي قوي للولايات المتحدة في مياه الخليج العربي!
حتى نفهم سبب الانحياز الأمريكي للجمعية الراديكالية المغلقة التي كانت تسمى «الوفاق»، يمكننا ربط ذلك بسهولة مع العلاقات التي طورتها واشنطن مع تنظيم «حزب الدعوة» عندما غزت العراق، وتلى ذلك تمكين طهران مفاصل بغداد إلى اليوم. لهذا السبب لا تصدر مواقف أمريكية ضد الحكومة العراقية إلا نادراً رغم سياسات الأخيرة الطائفية والعنصرية التي اعتمدت التطهير العرقي في بلاد الرافدين باسم مكافحة الإرهاب.
مواقف واشنطن تجاه البحرين لم تكن مختلفة عن هذا السياق، فتحالفها لم يكن مع حكومة البحرين، بل كانت تحرص على علاقاتها مع الحكومة كي تتحالف أكثر وأكثر مع «الوفاق»، تتقرب تارة، وتضغط تارة أخرى. لذلك كانت تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون التي عاصرت أزمة المنامة 2011 قاسية لأن الهدف منها آنذاك، دعم الانقلاب الراديكالي، وتمكين «الوفاق» من الحكم كما تم في بغداد بالضبط.
لاحقاً حرص الرئيس الأمريكي باراك أوباما على استمرار دعم «الوفاق» الراديكالية، وأشاد بنشاطها وأكد أهميتها خلال خطابه الأساسي أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة خلال سبتمبر 2011 في خطوة نادرة لم يقم بها رئيس أمريكي سابق. ثم تواصل الموقف الأمريكي وحرص مسؤولو البيت الأبيض أثناء زياراتهم للمنامة على لقاء كوادر «الوفاق» الراديكالية لتصل إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين عندما طردت البحرين مساعد وزير الخارجية الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في يوليو 2014 إثر اتصالاته بكوادر «الوفاق» لبحث مستقبل العمل السياسي في البحرين. الثقة في السياسة الأمريكية تجاه دول مجلس التعاون تراجعت كثيراً ووصلت إلى أدنى مستوياتها وهي 91% تعد نسبة الخليجيين الذين لا يثقون في تلك السياسة. وواشنطن ليست مكترثة بإعادة تلك الثقة لأن لديها حليف جديد على الساحل الشرقي لمياه الخليج العربي، والحليف نفسه له أذرع في الساحل المقابل. وما يشهده الخليج الآن هو قطع تلك الأذرع السياسية الراديكالية التابعة لطهران والمدعومة أمريكياً.
واشنطن قلقة بشدة من قرار إغلاق «الوفاق»، لكننا قلقون أكثر على أمننا الوطني، ولن نساوم عليه أحداً، فمصالحنا الوطنية قبل الجميع.