الرأي

صمدنا ولم نسقط عندما سقط الآخرون

نظــــــرات


بالفعل صمدت البحرين ولم تسقط عندما سقط الآخرون، هذا التوصيف الدقيق مهم لاستذكار صمود المملكة خلال الأزمة الأخيرة وما أعقبها من تحديات مازالت مستمرة.
الصمود لم يأتِ من فراغ، بل جاء مفاجئاً وحاسماً لأنه اعتمد على حزم دون لإنهاء التحولات الجارية على الأرض وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه. هذا الحزم أنهى معاناة البحرين مع أزمة 2011، لكن تداعياتها مازالت قائمة، وكذلك أطرافها والقائمون عليها مازالوا يمارسون نشاطهم بحرية استعداداً لمحاولة جديدة مدعومة من الخارج شرقاً أو غرباً.
انتظار الدولة البحرينية طويلاً لاجتثاث الإرهاب مكلف للغاية، بل كل يوم من التأخير تزداد فيه الكلفة. وإذا كان الاعتقاد بأن البحرين مختلفة عن بقية الدول، وهو سبب صمودها، فإن هذه الميزة لن تصمد طويلاً، فهناك من يعمل في الوقت الذي يبقى فيه الآخرون في حالة اللاعمل، وقد تكون النتيجة مفاجئة كما كانت قبل 5 سنوات من الآن.
من القواعد أن لكل حالة سياسية دورة، تبدأ ثم تتطور وتتراجع بعدها، لكن التراجع لا يعني انتهاء هذه الحالة، فهي مهيأة للعودة في أي وقت، ويجب الاستعداد لها في أي وقت. الأهم في هذا كله، أن هناك فرصاً لإنهاء هذه الحالة التي لها ظروف تساعد على ظهورها وعودتها من جديد. إذا تم استهداف هذه الظروف يمكن منع عودة أي أزمة مرتقبة، فالمجتمعات التي تشهد انقلابات سياسية لا يمكن أن تشهد هذه الانقلابات إذا لم تكن لديها القابلية للانقلابات أصلاً.
هنا المهم، يجب العمل على إنهاء كافة الظروف المهيأة والداعمة للقابلية للانقلابات من البحرين، حينها لن تظهر انقلابات أخرى في المستقبل المنظور على الأقل. جانب مهم من المشكلة هو التعامل مع كل أزمة سياسية وعنيفة تشهدها المملكة في وقتها، ويتم تجاهل المعالجات طويلة الأمد. الأزمة الأخيرة لم تكن منفصلة عن سابقاتها التي ظهرت بعد الإصلاح السياسي، أو تلك التي كانت موجودة في التسعينات امتداداً إلى الثمانينات والسبعينات.
الأطراف المؤثرة واللاعبة في جميع الأحداث العنيفة التي مرت على المملكة كانت أطرافاً واحدة، ولم تختلف يوماً، والأجندة لم تتغير أيضاً، كذلك الوجوه والدعم الأجنبي من الخارج. ومادامت هذه المعرفة لدينا، فإنه من الواجب البدء بمعالجات مختلفة تجتث الإرهاب وأدوات إنتاجه من المجتمع في إطار مواجهة تحدي التطرف المتصاعد دون توقف، بدلاً من الانتظار للأزمة المقبلة ثم مواجهتها لتتكرر هذه الحالة لدى البحرينيين جيلاً بعد آخر.