الرأي

نحاربهم هناك ولا نحاربهم هنا!

نظــــــرات

مشاركة البحرين في العمليات العسكرية باليمن لإعادة الشرعية مع قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تعد أكبر تدخل عسكري بحريني في التاريخ منذ المشاركة الهامة في حرب تحرير الكويت خلال العامين 1990 ـ 1991.
دوافع البحرين للمشاركة في حرب إعادة الشرعية لليمن نابعة من منطلقات وطنية وقومية بحتة، وهي تأتي في إطار رؤية الأمن الجماعي لدول مجلس التعاون الخليجي التي ترى في اليمن عمقاً إستراتيجياً لا يمكن التخلي عنه. الأمر الذي يفرض عليها التحالف الإستراتيجي مع الدول الخليجية والعربية لتحقيق أهداف العمليات العسكرية هناك.
البحرين ودول التحالف العربي تحارب في اليمن خصماً أساسياً وهو جماعة الحوثي التي تحظى بدعم كبير من طهران هناك. هذه الحقيقة تدفعنا لطرح سؤال جوهري، إذا كانت البحرين تحارب الحوثيين في اليمن باعتبارهم جماعة راديكالية تعمل خارج نطاق الشرعية الدستورية والقانونية والسياسية في اليمن، فلماذا لا تحارب البحرين جماعة «ولاية الفقيه» باعتبارها جماعة راديكالية ترفض الشرعية الدستورية والقانونية والسياسية للدولة؟
هذا السؤال لم تظهر إجابته بعد لأي بحريني منذ أزمة 2011 على الأقل، جماعة الحوثي في اليمن تحظى بدعم إيراني كبير، وجماعة «ولاية الفقيه» في البحرين تحظى بدعم إيراني كبير، في اليمن تم التعامل معهم بعد محاولات سياسية بمواجهة عسكرية بكل حزم. ولكن في البحرين لم يتم التعامل معهم بنفس الجدية، وقد يكون ذلك لأسباب واعتبارات عدة.
نتفهم كافة الاعتبارات والأسباب، لكن لا نتفهم السماح لجماعة راديكالية العبث بأمننا الوطني ووحدتنا الوطنية، والمساس بتماسك المجتمع، وإثارة نعرات التطرف والكراهية فيه باسم الدين أو المذهب تارة، أو باسم الحقوق السياسية وحقوق الإنسان تارة أخرى.
لا نخشى على البحرين الجماعات الراديكالية المتطرفة سواءً أكانت ثيوقراطية أم غيرها الآن، ولكننا نخشى أن تتجذر هذه الجماعات بجمعياتها السياسية المرخصة، ووسائل إعلامها، وأذرعها الخيرية والشبابية والنسائية، وهيمنتها على المؤسسات الدينية لتتحول سريعاً إلى النموذج اللبناني الذي تمكن فيه «حزب الله» الإرهابي الراديكالي من التغلغل داخل الدولة، واستطاع عرقلة العملية السياسية ليمنع انتخاب رئيس للدولة منذ عدة سنوات.
مستقبل البحرين واستقرارها وحفظ وحدتها الوطنية يرتبط ارتباطاً وثيقة بتعامل الدولة البحرينية مع الجماعات الراديكالية الآن. السكوت عن أي نزعات متطرفة وتجاهلها يعني السماح لمن تطرف أو يرغب في التطرف باكتساب النفوذ بعد أن نال مجالاً حيوياً يمكنه العمل فيه لنشر أفكاره أو تجنيد كوادره وكسب المزيد من النفوذ.
هل تقبل الدولة بذلك؟