الرأي

قراءة حضارية في الصوم المُنتِج

رؤى




مع إطلالة شهر رمضان الكريم من كل عام، نود أن نطرح بعض الأفكار التي من شأنها أن تغير بعض المفاهيم والنظرات الخاطئة في التعامل مع هذا الشهر الفضيل، حيث نجد أن جلّ ثقافتنا وسلوكياتنا فيه باتت مبرمجة بشكل تلقائي وبشكل مقزز منذ عشرات الأعوام وحتى يومنا هذا، فالعادات والتقاليد والأعراف الرمضانية التي نمارسها اليوم هي ذاتها التي كنا نمارسها قبل نحو قرن من الزمان أو أكثر، بل يبدو أن عاداتنا اليوم هي أسوأ بكثير مما كانت عليه، بلحاظ تطور أدوات العصر وافتراضية تمدد وعي الإنسان المسلم، ومع ذلك أصبحنا أسرى لعادات وممارسات رمضانية في غاية السوء.
نحن لسنا بفقهاء لنطرح محدداتنا الفقهية والشرعية فيما يتعلق بأحكام الصوم وغيره هنا، ولكننا من الممكن أن نناقش ونرصد الكثير من السلوكيات الخاطئة في شهر رمضان عبر مشاهدات لا تخفى على بصير، والتي يجب ألا تكون أصلاً، لما لها من أثر مدمر على وعي الأجيال القادمة، وتجنباً لاستمراريتها وإنتاجها من جيل إلى جيل عبر استنساخ عادة في غاية السوء من المفترض أن تنتهي منذ أمدٍ بعيد يجب علينا إحياء الأمل في صياغة فكر جديد لرمضان.
حين تتجلى قمة مظاهر الإسراف فيما يتعلق بقضايا الطعام والشراب في شهر رمضان، ندرك حينها أن هنالك سلوكيات خاطئة، وحين ينام الفرد في الشهر الفضيل أكثر مما يعمل فهنالك خلل واضح في وعي المسلم، وحين نهدر آلاف الساعات في التسكع على الطرقات وإضاعة الوقت بشكل بدائي يجب أن نعترف أن قراءتنا للصوم مهلهلة، وحين نأكل ونشرب ونصاب بالتخمة في نهاية شهر الله فإننا لم نفهم معنى الصوم، وحين نصاب بالكسل وكره العمل وعدم الإخلاص فيه وتقديمنا الخمول والجمود على النشاط وتقديم الأداء الأقوى والأفضل لمصلحة الناس في شهر رمضان فاعلموا أننا لا نصوم بالطريقة التي يجب أن تكون.
هذه بعض المرئيات والمشاهدات الرمضانية التي ظلت ثابتة في وعي كل الأجيال المسلمة حيال شهر يجب أن يتسم بالانضباط في السلوك والعمل الخير وفي كل مظهر من مظاهر التحضر والرقي، فعادات قبيحة كالإسراف والكسل والهروب من العمل وإضاعة الأوقات في شؤون تافهة وغير ناضجة لهي علامات صريحة ترشدنا إلى الفهم غير الناضج حول ممارساتنا الشرسة في الشهر الكريم، ولهذا ومن الآن يجب أن نقوم بثورة تصحيحية على كل تلكم السلوكيات غير المنتجة واستبدالها بقيم أكثر إيجابية، كالاقتصاد في الاستهلاك وتقنينه بشكل عام، وتشجيع العمل وتبني فرص العطاء وتقديم يد العون لكل المحتاجين والضعفاء حول العالم، فهذه بعض الرسائل التي يجب أن نستوعبها في رمضاننا الكريم، أما العادات البليدة والخاطئة فإننا يجب أن نرميها خلف ظهورنا لتكون مجتمعاتنا أكثر إنتاجية وإيجابية في شهر الله.