الرأي

الخارجية الأمريكية: إيران ضالعة في العنف بالبحرين؟!

اتجــاهـــات




ليس بشيء أفتخر به، حينما يقول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية إن إيران أكبر مصدر للإرهاب العالمي، وحالها كحال «داعش»، ويضيف أن لإيران يداً في الإرهاب الحاصل في البحرين عبر دعمها للجماعات المتطرفة لدينا في الداخل.
أقول لست أفتخر بهكذا تقرير، لسبب بسيط جداً، أن مصدره جهة هي تتحمل مسؤولية تقوية هؤلاء الداعمين للإرهاب والمحرضين عليه والمدافعين عن منفذيه لدينا في الداخل.
إن كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقول لنا اليوم إن لإيران يداً في دعم الإرهاب الحاصل في البحرين، فإننا أيضاً نريد أن نعرف دور الأمريكان في تعزيز وتقوية «بؤر» الإرهاب لدينا في الداخل.
يقول الأمريكان هذا الكلام، بعد أيام من صدور تصريحات من قبل بعض مسؤوليهم يطلبون فيها من البحرين «تعطيل» القانون، لأجل علي سلمان أمين عام «الوفاق» الذي مارس كافة أشكال التحريض العلني ضد الدولة، وحشد ضد القانون، ولوّح إلى استخدام السلاح، وله ارتباطاته الخارجية واجتماعاته التي امتدت لتصل إلى حسن نصر الله الأمين العام لـ «حزب الله» اللبناني، الذراع العسكري لإيران، وواشنطن تصنف «حزب الله» على أنه جهة إرهابية.
من تكون له يد طولى في دعم العنف، وفي تمكين الإرهابيين والمحرضين والعاملين ضد الأنظمة والقوانين، ومن يدعون لقتل رجال الشرطة والتطاول على رموز الحكم وشق الصفوف الوطنية، هؤلاء يصنفون بالضرورة في نفس خانة إيران.
جمهورية خامنئي نعرف تماماً أهدافها من تمكين الانقلابيين في البحرين ودعمهم إعلامياً وبوسائل أخرى مختلفة، أوضحها عمليات تهريب الأسلحة لأراضينا، و»إعالة» مرتزقة لندن الذين يهاجمون البحرين، هدفها الاستيلاء على البحرين وحكمها.
لكن في المقابل مازلنا نجهل أهداف الولايات المتحدة الأمريكية من دعم الإرهابيين والمحرضين في البحرين، مازلنا نجهل الأسباب التي جعلت مسؤولي السفارة الأمريكية يلتقون مراراً وتكراراً قيادات «الوفاق» و»وعد» و»حق»، وغيرهم منذ أكثر من عقد، وحتى قبل حصول محاولة الانقلاب في 2011، وهي المسألة التي كشفتها وثائق «ويكيليكس».
مازلنا نجهل أسباب الاجتماعات الدائمة التي يقوم بها السفراء المختلفين لواشنطن داخل بلادنا، في مواقع مختلفة، سواء في السفارة أو في بيوت السفراء الخاصة مع العناصر الضالعة في عمليات التحريض والداعمة للمخربين.
حتى الآن لم ننس ما فعله توماس كراجيسكي، هذا الرجل الذي اجتمع بـ «الوفاق» مرات ومرات، واجتمع بشخصيات صعدت لمنصة الدوار و»صاحت» بإسقاط النظام، وطبعاً في رمضان كان من زوار «الوفاق» و»المتغبقين» عندهم.
بالتالي لن أهلل لتقرير الخارجية الأمريكية وأقول إنهم أدانوا إيران وأكدوا ضلوعها في الفوضى الحاصلة في البحرين، لأن الأمريكان وللأسف بات تعاملهم مع حلفائهم أشبه بـ «الحرباء المتلونة»، يطالعونا بتصريحات مؤيدة وداعمة، ثم نتفاجأ بتحركات بعض مسؤوليهم وكأنهم يتشاركون مع الانقلابيين بنفس الهدف في اختطاف البحرين.
مشكلة الأمريكان أنهم لا يعترفون بفشلهم حينما «تنضرب حساباتهم»، ففي فيتنام سقطوا سقطة شنيعة، جعلت الداخل الأمريكي يغلي، ولعلها مناسبة لنترحم على الملاكم الأمريكي المسلم محمد علي كلاي الذي اختاره الله عز وجل بالأمس لجواره، هذا الرجل العظيم الذي كان له موقف خلال حرب فيتنام حينما رفض المشاركة فيها، وحاول النظام الأمريكي معاقبته بتجريده من إنجازاته، وقال حينها بأنه لا تهمه هذه الإنجازات أمام رفضه المشاركة في قتل البشر، رحمة الله عليه. في فيتنام فشلت حساباتهم ومازال الأمريكان - أي الشعب - يلوم إدارته على قرارها الذي أدى لقتل مئات من أبنائهم، وما عاناه كثير منهم من حالات نفسية وإعاقات جسدية. حتى في أفغانستان حسبوها خطأ عبر تمكين بن لادن و»طالبان»، فكانت النتيجة أن ضربتهم «القاعدة» في عقر دارهم.
وفي العراق حسبوها أيضاً خطأً، انسحبوا ظناً أنهم يسلمون البلد للعراقيين، فإذا به يتحول بين عشية وضحاها إلى ملك إيراني خاص، فخامنئي هو من يحكم العراق، والشعب الأمريكي بات يشتم إدارة بوش الابن على ما جرى لأبنائهم الذين ضحوا بأرواحهم، وفي النهاية جاءت إيران لتستفيد من الخدمة الأمريكية هذه.
حتى أن الغباء السياسي داخل البيت الأبيض أوصل صناع القرار الأمريكي لمحاولة استفزاز السعودية واستهدافها، إذ أن السياسي المحنك اليوم هو الذي يرى في معاداة السعودية بطولة ومكسباً؟! إنه الجنون بعينه حينما يعمي العينين. لذلك يا جماعة، يا حلفاءنا وأصدقاءنا، إن كنتم تقولون إن إيران لديها يداً في الإرهاب الذي يضرب البحرين، فأنتم لكم يد أخرى في دعم العناصر المؤزمة والانقلابية والتدخل حتى في قضائنا، ومحاولة الضغط لوقف تنفيذ الأحكام، أنتم لكم ضلع كبير فيما يحصل. إن كنتم تريدوننا أن نصدق أنكم بالفعل حلفاؤنا، الحريصون على محاربة الإرهاب، فإن عليكم محاربة إيران في مساعيها الإرهابية، وهذا ينسحب على كل من يرتبط بنظام طهران وينفذ أجندته في داخل البحرين. أما الكلام المأخوذ خيره، فهو الذي يذكرنا بالمواطنة المصرية التي قالت لأوباما بأن «شتب يور ماوس أوباما»، وهذه المرة هو ومسؤولوه وخارجيته.