الرأي

«صقر سُنّة لبنان» يقض مضاجع إيران و«حزب الله»!

المشاء



«قدماي على الأرض ورأسي بين كتفيَّ ومعركتي السلمية والسياسية ضد «حزب الله» مستمرة، وسليمان فرنجية لن يكون رئيساً للبنان». بتلك التصريحات النارية التي أطلقها وزير العدل اللبناني المستقيل أشرف ريفي في الخطاب الذي ألقاه بعد فوز اللائحة المدعومة منه بأغلبية مقاعد المجلس البلدي في مدينة طرابلس شمال لبنان يضع نفسه رقماً جديداً ومنافساً بارزاً بين قادة السنة في البلاد، وربما يقلب «الصقر الجديد» -العائد بالديمقراطية- موازين القوى السياسية في المستقبل القريب.
ولا يمكن تجاهل التوترات الطائفية التي شهدتها ثاني أكبر مدن لبنان، نتيجة الحرب السورية منذ مارس 2011، وربما كان لذلك انعكاس كبير على النتيجة التي حققها ريفي بلائحته الجديدة «قرار طرابلس»، حيث استطاع هزيمة كل من رئيس الوزراء السابق وزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، ورئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، حيث حصلت لائحته على 18 مقعداً مقابل 6 مقاعد للائحة «التوافق» التي شكلها تحالف ميقاتي والحريري والوزيرين محمد الصفدي وفيصل كرامي والجماعة الإسلامية، بينما لم يفز أي عضو مسيحي أو من الأقلية العلوية، ما يؤكد أن الناخبين سعوا لاختيار القادر على مواجهة «حزب الله» وإيران دون البحث عن براغماتية ابتدعها بعض قادة السنة في لبنان. وربما شكلت نتيجة الانتخابات في طرابلس مفاجأة مدوية من العيار الثقيل خاصة وأن ريفي واجه تحالفاً سياسياً عريضاً في مدينة تعد الأهم بعد العاصمة بيروت.
لكن الأمر عند ريفي يتجاوز الانتخابات البلدية، ففوز لائحته ليس مجرد حصول على مقاعد، لكنه يتعدى ذلك ليكشف عن تيار يقف في وجه «عدم شرعية «حزب الله»»، وإعلانه «استمرار محاربته سياسياً وإعلامياً، لأنه مشروع إيراني في بلد ينص دستوره على أنه بلد عربي».
ولا يخفي ريفي خلافاته مع الحريري، لكنه ربما استطاع سحب البساط من تحت قدميه شيئاً فشيئاً، وتمكن بمواقفه الصلبة التي لا تقبل القسمة على اثنين، من إقناع الناخبين بالتصويت له في شمال لبنان خاصة مواقفه الحازمة ضد «حزب الله» وإيران، واختياره العماد جان قهوجي، رئيساً للبنان، ورفضه ترشح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية المدعوم من الحريري، وحسمه الأمر، بعدم قبوله بالتالي تولي زعيم «التيار الوطني الحر»، العماد ميشال عون، المقرب من «حزب الله»، للرئاسة، وهذا ما يجعله يظهر كصقر جديد بين صقور السنة في لبنان، ومنافساً قوياً للحريري، وهذا ما بدا جلياً في تصريحاته عقب فوزه في الانتخابات بقوله «لا أحد يعرف أن المزاج السني في لبنان لم يعد يقبل لا انبطاحاً ولا تهاوناً ولا تساهلاً ويريد حقه كمواطن»، مشيراً إلى أن «قادة السنة فشلوا في فهم مزاج التحول في المنطقة مع تولي قوة سنية أكثر صرامة ضد إيران زمام الأمور في المملكة العربية السعودية وضعف نظام بشار الأسد»، ومن ثم فهو يدفع باتجاه مرحلة الحزم تجاه إيران و«حزب الله» ونظام الأسد، وهذا ما سبب تراجعاً في أسهم الحريري، خاصة بمواقفه الأخيرة، لعل أبرزها إعلان ترشيحه فرنجية -الصديق الصدوق للأسد- رئيساً للبنان، مستثنياً زعيم تيار «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي لم يتردد في الهرولة إلى عون لإعلان دعمه له، ما سبب شرخاً كبيراً في تحالف «قوى 14 آذار»، المناهض لـ «حزب الله» وإيران. وعلق ريفي على ذلك بالقول إن «قرار الحريري دعم السياسي الماروني سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية كان غير مقبول بالنسبة للناخبين في شمال لبنان».
ولاشك في أن فوز ريفي سيقض مضاجع أنصار «حزب الله» ونظام الملالي، خاصة وأن الرجل معروف بعدائه الشديد لطهران، فهو لا يترك فرصة إلا ويؤكد فيها أنه «سيبقى يقاتل «حزب الله» سياسياً وحضارياً وإعلامياً، ما بقي الأخير مشروعاً إيرانياً فارسياً، ولن نسمح أن يكون لبنان إيرانياً».
ولا يتوانى ريفي عن شن هجومه على إيران و«حزب الله» فقد اتهمها بأنهما «وراء تصفية عدد من رموز المقاومة في لبنان، للإيهام بأن «حزب الله» وحده هو من يمثل المقاومة تحت اسم «المقاومة الإسلامية»، والحال أن الإسلام من هذا براء»، وهو يدرك تماماً أن إيران أنشأت دويلة لـ«حزب الله» في لبنان بالتواطؤ مع نظام الأسد، على حساب الدولة اللبنانية.
* وقفة:
براغماتية قادة السنة في لبنان دفعت السنة للبحث عن صقر جديد عائد بالديمقراطية يرفض المساومة على المبادئ وقد وجدوا في أشرف ريفي ضالتهم، فهو الوحيد القادر حالياً على الوقوف في وجه «حزب الله» وداعمي إيران ونظام الأسد في لبنان، خاصة بعد موقفه التاريخي بتقديم استقالته من حكومة رئيس الوزراء تمام سلام بسبب تعطيل «حزب الله» للحياة السياسية في لبنان، مروراً بعرقلة إحالة ملف ميشال سماحة -مستشار الأسد والمدان بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان- إلى المجلس العدلي، وتدمير العلاقات مع السعودية.