الرأي

شرعنة الإرهاب وسكوت الدولة

كلمــة أخيــرة


لن ينتهي الإرهاب طالما تستمر عملية شرعنته وتحريف تصنيفه على أنه عمل «سياسي» وليس جرائم قتل وحرق وتدمير يدينها القانون، ومن من؟ من قبل جمعية مرخصة وجريدة مرخصة.
لن ينتهي الإرهاب طالما أن مؤسسات وقانون الدولة يتفرجان على هذا التضليل وهذا التمجيد للإرهاب ونزعه من صفته الإجرامية وإكسابه الشرعية بوصفه عملاً سياسياً ولا أحد يتحرك ليجبر هاتين المؤسستين على احترام الدولة وقانونها.
جاء في شرح «مفوضية السجناء» لأعمال الشغب والإرهاب التي أدينت بها مجموعة السجناء 1021 التالي: تفجير، وإرهاب، وحيازة أسلحة ومواد متفجرة، والشروع في القتل، والاعتداء على الشرطة، واستخدام وتصنيع قنابل المولوتوف، وقطع الطرق وحرق الإطارات، وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة وغيرها.
وهو شرح واف وكاف ومفصل يبين أن تلك الجرائم لا علاقة لها بالعمل السياسي من قريب أو من بعيد، ومع ذلك نشرت جمعية «الوفاق» رسماً كتبت فيه «في وطن لا يتجاوز 800 كم يقبع حوالي 300 طالب خلف القضبان لخلفيات سياسية بدل جلوسهم على مقاعد الدراسة»، وكتب أحد كتاب جريدة «الوسط» مقالاً بالأمس ربط كذلك بين أحكام السجن التي صدرت بحق من أدينوا بأعمال الإرهاب والشغب وعددهم 1021 بالعمل السياسي فقال «البحرينيون منذ سنوات طويلة لم يشهدوا هذا الرقم في السجون، ولم تكن سجون البحرين تمتلئ بهذه الأرقام، إلا في مرحلتين تاريخيتين الأولى ما عرف بـ «أحداث التسعينات» والتي كان مطلبها الرئيس الإصلاح السياسي وعودة المجلس التشريعي «البرلمان»، واستمرت تلك الأحداث من العام 1994 وحتى العام 1999. أما المرحلة الثانية فمازالت مستمرة حتى الآن، إثر تداعيات أحداث فبراير 2011، التي قامت أيضاً بمطالب سياسية»، بل إن عنوان المقال وضع وصف «إرهابيون» هكذا بين قوسين!!
كيف لنا أن نستقر والمؤسسات المرخصة وفق القانون كهذه الجمعية وصحيفتها تسميان التفجير، وحيازة أسلحة ومواد متفجرة، والشروع في القتل، والاعتداء على الشرطة، واستخدام وتصنيع قنابل المولوتوف، وقطع الطرق وحرق الإطارات، وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة وغيرها عملاً سياسياً؟ إذا كان قانون الدولة يسمح لمؤسساتها المرخصة أن تمجد الإرهاب بنسبه هكذا علنا للعمل السياسي المشروع والمطلوب كحق من الحقوق الدستورية فإن الإرهاب هنا بالتالي سيصبح «حقاً» من حقوق الدولة الدستورية أيضاً.
لن أوجه لومي هنا إلى هاتين المؤسستين بل أوجهه للمؤسسات المسؤولة عن حفظ أمن الدولة وحفظ حقوق المواطنين وحفظ الدستور والتأكد من الالتزام بالقانون.
التقصير ليس من هاتين المؤسستين فقد دأبتا على هذا التضليل المتعمد والمقصود طوال السنوات الماضية ومؤسساتنا العدلية والإعلامية والتنفيذية تتفرج مما شجع 1021 على ارتكاب تلك الأعمال الإرهابية، لم لا؟ طالما أن قادة الرأي الممثلين في حزب سياسي وصحيفة يرون أن تلك الجرائم الإرهابية البشعة هي مجرد «أعمال سياسية» فكيف نرتجي الاستقرار والأمن إذاً؟ أي إدانة للعنف هذه التي تلون الوقائع وتغير مسمياتها؟ فيصبح القتل والتفجير والإرهاب عملاً سياسياً، ثم تصدر بعد ذلك بيان إدانة للعنف، أين أصرف هذا البيان وتلك الإدانة؟
نعم أننا نحرض الدولة على إرساء القانون وعلى تفعيل الدور المؤسسي الذي يثبت دعائمها و قواعدها المشتركة وإلا ما الدولة إن لم تكن قانوناً ومؤسسات؟
حتى نقف جميعنا نحن ومن نختلف معهم على ثوابت متفق عليها كهذه، مهما اختلفنا بعد ذلك، إلا أن تلك الثوابت تبقى واحدة لتجمعنا، حينها ممكن أن نطمئن بعد ذلك على مستقبل الأجيال القادمة، فلا يمكن لدولة أن تستقر وهناك من يرى أن الجرائم المشار إليها أعلاه «عملاً سياسياً»، ولا يمكن أن يعم الأمن ويستتب وهناك من يرى هذا التضليل والتمجيد للإرهاب «حرية تعبير»، نحن لسنا أمام خلاف سياسي، نحن أمام خلاف على ثوابت وطنية للأمة وقيم ومبادئ ترتكز عليها الأوطان وتقوم عليها أعمدة الدولة ودونها تسقط أي دولة وتنهار.