الرأي

إسرائيل وإيران.. نكبة العرب

صهيل




ذكرى نكبة فلسطين لا شك في أنها ذكرى مؤلمة على كل العرب والمسلمين، ومن الطبيعي ألا تمر هذه الذكرى المؤلمة دون أن نقرأ الكثير من المقالات والتقارير والبيانات الصحفية التي تستحضر تلك الذكرى والمصيبة التي حلت بالعرب وبالأشقاء الفلسطينيين بالذات.
لكن ما لفت انتباهي حقاً، ذلك البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الإيرانية في ذكرى «يوم النكبة»، البيان الذي وجدت أن أغلب ما فيه من جمل وعبارات تنطبق على الفلسطينيين ومعاناتهم مع إسرائيل منذ 1948 وهي سنة النكبة، يمكن أن ينعكس ويقاس بشكل عام على الوضع «العربي – الإيراني» ، لنجد تشابهاً كبيراً ولافتاً، فلو عكسنا الأدوار من الجاني «إسرائيل»، والمجني عليه «فلسطين»، إلى إيران والعرب لوجدنا تشابهاً كبيراً في هذه الحالة بين الجاني «إيران»، والمجني عليه «العرب».
وحتى يتضح المقصود أكثر، سوف أقتبس من بيان الخارجية الإيرانية الفقرة التالية: «....إن ذكرى 15 مايو عام 1948 الذي أدرج خلاله اسم الكيان الصهيوني المشؤوم على خارطة الكرة الأرضية تذكر بأتعس يوم مرّ على التاريخ الفلسطيني حيث معاناة شعب مظلوم وتشريد الملايين من الفلسطينيين في تلك الحقبة»، وأكد البيان أن «أحداث عام 1948 كانت بداية لجرائم مروعة مازالت تمارس حتى يومنا الحاضر من خلال التطهير العرقي للشعب الفلسطيني»، «انتهى الاقتباس».
الآن.. ماذا لو عكسنا تلك العبارات التي ذكرها بيان الخارجية الإيرانية، إلى الأوضاع العربية الإيرانية في الوقت الراهن؟ المحصلة ستكون متشابهة كثيراً، بل ومتطابقة، فمثلاً، منذ قيام ما يسمى بالثورة الإيرانية في 1979 كانت هذه الذكرى تعيسة على العرب، حيث تسببت هذه الثورة وما نتج عنها من تشريد ليس لشعب واحد بل لشعوب عربية كانت لإيران – ولا تزال – سبباً مباشراً في مآسيها، فهل ستنكر إيران أن «طائفيتها» تسببت في تشريد شعوب عربية في العراق وسوريا، والأحواز، إضافة إلى لبنان واليمن بسبب تدخلاتها و»حشر أنفها» في الشأن العربي؟ ألم يكن أعداد هؤلاء المشردين العرب في تلك الدول بالملايين أيضاً؟ والذين فروا لاجئين إلى لبنان والأردن ودول أخرى عربية وكذلك إلى أوروبا وأمريكا مما تسبب لتلك الدول بأزمة عرفت دولياً بـ «أزمة اللاجئين».
كما أن التطهير العرقي الذي ذكره بيان الخارجية الإيرانية وهو ما يمارسه الكيان الصهيوني ضد الأشقاء الفلسطينيين وهو صحيح ونتفق جميعاً كعرب ومسلمين معه، مثل ذلك التطهير العرقي تمارسه إيران نفسها على الأحوازيين، والعراقيين، والسوريين؟ وإن كان التطهير العرقي الإسرائيلي سببه الدين، فإن التطهير العرقي الإيراني سببه «المذهب»، وفي كلتا الحالتين فإن النتيجة واحدة، وهنا وجه الشبه بين إسرائيل وإيران، والضحية في الأخير هم المسلمون العرب وتحديداً الطائفة السنية.
البيان الإيراني لم يحمل المجتمع الدولي أي مسؤولية تجاه القضية الفلسطينية ولم يطالبه بأي دور، بل ألقى باللوم على «بعض» الدول الإسلامية والعربية، زاعماً أن «العرب تجاهلوا وبشكل مؤسف الجرائم الصهيونية بسبب خطأهم حيال مفاوضات التسوية والخنوع على طاولة المفاوضات»،على حد تعبير البيان، ولا أعرف إن كانت إيران مهتمة لهذا الحد الكبير بالقضية الفلسطينية فلماذا لم تحاول بنفسها أن تجد حلاً، فربما لديها مفتاح الحلول للقضية الفلسطينية، أم إنها تنتظر الإذن من العرب؟ وشخصياً لست مستغرباً من تلك التهم الإيرانية الباطلة، فإيران تنتهز اي فرصة فقط لتقلل من الشأن العربي في أي حدث يرتبط بالعرب، ونحن نعلم من تقصد بذلك.
إن كانت إيران تقصد حقاً وفعلاً ما تطرقت إليه في بيانها، فمن باب أولى أن تطبق بيانها على جمهوريتها وأن تتوقف عن ممارسة الإرهاب الذي تصدره باسم المذهب إلى دول أخرى، فالمآسي التي سببتها إيران منذ قيام ثورتها - كما فعلت إسرائيل بفلسطين وشعبها وبدول عربية وبفداحة ما فعلته طوال عقود - مست أيضاً دولاً وشعوباً عربية، ولو قسنا الفترات الماضية، فإننا سنجد أن ما فعلته إيران ضد العرب فعلته أيضاً إسرائيل على مدار عقود مضت، ولذلك فإننا نعتبر أن إسرائيل وإيران وجهان لعملة واحدة وهما السبب في نكبة العرب.