الرأي

تحديات تواجه الصحافي في البحرين «1»

تحديات تواجه الصحافي في البحرين «1»


عندما أطلقوا عليها مهنة «المتاعب» فقد كانوا يدركون أنها المهنة الوحيدة في العالم التي تحملها معك أينما كنت، وفي كل وقت، فعقل الصحافي لا يهدأ وكل شيء يمارسه في حياته ينظر إليه بطريقة وزاوية تختلف عن الآخرين، حتى في أوقات الراحة والترفيه، تراه يحلل الأخبار والأحداث ويفكر في كل ما يدور حوله، فإلهام الكتابة يباغته أينما كان!
أمام التوجيهات الدائمة للقيادة الرشيدة واهتمامها بدعم الصحافة في مملكة البحرين، هناك العديد من التحديات التي تواجه الصحافي البحريني اليوم، خاصة إن كانت هناك جهات أو مسؤولون قد يبدون متأخرين عن ركب الديمقراطية الذي جاء به المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وقد يواجه الصحافي نوعاً منهم لا يفقه ترجمة مضامين خطابات القيادة الرشيدة في تهيئة الأجواء الديمقراطية.
على المستوى الشخصي، وقبل عدة سنوات، أذكر حديثاً دار بيني وبين أحد أهم كتاب الأعمدة في البحرين، وقد أخبرته برغبتي في الاتجاه لكتابة عمود مستقبلاً فقال لي: «كاتب الأعمدة يواجه العديد من التحديات والمخاطر بل والعداوات غير المسؤول عنها وهو يكتب، خاصة إن كان مستقل الاتجاه، ولم يكن له هناك سند يرجع إليه وقد يصدم بمسؤول يتصل به ويتكلم معه بصيغة تحمل التهديد أو الاستنكار لأنه تطرق لأداء جهته بما معنى أنه ينظر إليه بطريقة «من أنتم؟»، أو كيف تجرؤ على نقدي أمام الجميع أو الكتابة عن الجهة التي أديرها؟». أتذكر كلماته اليوم جيداً ونحن نرصد عقليات لا تزال لا تفرق بين متطلبات مهنة الصحافي في تسليط الضوء على أي أضرار أو أوجه فساد تهدم المجتمع والنقد للأداء، وما بين النقد الشخصي فكثير من المسؤولين فعلاً لا يزالون يحتاجون أن يفهموا أن نقد الصحافي لمؤسسته أو وزارته لا تعني أنه قلم موجه له أو يستهدفه شخصياً، بل ببساطة شديدة هذه هي متطلبات مهنته ومسؤولياته، ولا يمكن أن يبقى قلمه في دائرة المدح بشكل متكرر، مقابل إهمال النقد البناء الذي يعالج أوجه الخلل وتفعيل أهداف المشروع الإصلاحي، ونحن في النهاية لسنا في المدينة الفاضلة ولا يوجد بناء مكتمل الأركان بل من المفترض أن يكون الصدر متقبلاً لهذا النقد.
كذلك من التحديات التي تواجه الصحافي مسألة العداوات الشخصية بسبب التفسير الخاطىء لتوجه قلمه وفكره، بل أن بعض المسؤولين قد لا يكلفون أنفسهم مطالعة مقالات الكاتب، ويستمعون إلى موظفين لديهم يفسرون لهم ما يقصده الكاتب بطريقة خاطئة، ومن ثم تندلع العداوة الشخصية التي يتحملها الصحافي دون ذنب. وبعض المتسلقين أو الراغبين في افتعال الأزمات كثيراً ما يجدون في تلك الطريقة مفتاحاً للانتقام من الصحافي أو إيذائه.
أيضاً هناك من لا يدرك أن الصحافي مطالب بالبحث الدقيق عن معلوماته قبل نشرها ولا يمكن أن يأتي إليه أحدهم ويطالبه بالتطرق لقضايا غير مكتملة المعلومات والأدلة، فلا يفرق بين الصحافي المهني المحترف والصحافي الذي يكتب لمجرد الكتابة.
كذلك، عندما يطالب الصحافي بالتطرق لقضايا مجتمعية حساسة قد يغفل البعض أنها قد تتقاطع مع مهماته في حفظ الأمن المجتمعي للدولة، وعدم إثارة أية نعرات طائفية أو عنصرية، وأنه مطالب بالتدقيق حتى في المصطلحات والعبارات التي يستخدمها فكل كلمة يكتبها تحسب عليه ليس في الدنيا فقط، وإنما في الآخرة أيضاً، حيث يسأله الله سبحانه وتعالى: منحتك موهبة الكتابة فكيف سخرت قلمك؟ هل خدمت دينك ووطنك أو كان اهتمامك فقط بالأمور الدنيوية؟ فهناك آداب للمهنة قد لا يفقهها كثيرون.
ومن التحديات أيضاً حماية سرية المصادر، وهو أمر قد لا يدركه بعض المسؤولين عندما يقومون بالاتصال بالصحافي ومطالبته بالكشف عمن سرب له أخباراً أو تقارير تتعلق بوجود فساد ما أو طلب منه التطرق لموضوع له علاقه بوزارته.
وكما للصحافي حقوق عليه واجبات أيضاً ومن مسؤولياته المجتمعية ترسيخ قيم التسامح والمحبة خاصة في مجتمع متعدد الأطياف والأعراق كمملكة البحرين إلى جانب الابتعاد عن بث الفتن أو نشر الشائعات.