الرأي

إيران تجند الأطفال لإنقاذ الأسد

قطرة وقت




هل هي فضيحة جديدة؟ هي كذلك دونما شك، ولولا أن الحديث هنا عن إيران وليس عن غيرها من البلدان لوجد الكثيرون صعوبة في تصديقه، فلإيران سوابق كثيرة، وبالتالي لا يمكن للمرء أن يدهش من هكذا أخبار يسمعها عنها. ولكن ما القصة؟
حسب ما تناقلته قنوات فضائية ومواقع إلكترونية عديدة فإن إيران بثت أخيراً «مقطع فيديو دعائي يدعو إلى تجنيد الأطفال للدفاع عن رئيس النظام بشار الأسد والقتال في سوريا»، إضافة إلى «الجهاد في العراق». وحسبما تم تناقله فإن صحيفة «دايلي ميل» البريطانية قالت إن مقطع الفيديو هذا جاء بعنوان «شهداء لحماية الأضرحة المقدسة»، عُرِض على التلفزيون الرسمي، داعياً الأطفال من خلاله للقتال في سوريا.
الفيديو موضوع الحديث يظهر أطفالاً إيرانيين يقسمون على تقديم أرواحهم لـ «تحرير العراق وسوريا»، وأحدهم يقول «أنا على استعداد للتضحية بحياتي في سبيل أوامر قائد بلادي». حسب «دايلي ميل» أيضاً فإن الفيديو أنتج عبر «وحدة الباسيج» الموسيقية التي تعتبر الذراع الإعلامية لـ «قوات الباسيج» الرديفة للجيش الإيراني. الأخبار التي انتشرت عن الفيديو ذكرت أنه «جاء بعد إعلان إيران عن إرسال قوات لسوريا للدفاع عن النظام السوري، في أكبر تحرك عسكري لإيران خارج أراضيها منذ عام 1979»، وبعد الأخبار التي تحدثت عن أنها «فقدت أعدادا كبيرة من جنودها في الحرب السورية بينهم ضباط رفيعو المستوى».
إحدى الفضائيات التي بثت الفيديو ذكرت أن إيران تجبر الأطفال الأفغان المقيمين في أراضيها بطريقة غير شرعية على الحرب في سوريا مقابل تصحيح الأوضاع القانونية لأهاليهم والسماح لهم بالبقاء في إيران، وأنها تأخذ أولئك الصغار إلى معسكرات أقيمت خصيصاً لتدريبهم على استخدام السلاح، ومن ثم إرسالهم ليكونوا وقود الحرب التي أشعلتها في هذا البلد العربي الذي دمرته تدميراً.
طبعاً إيران ستنكر كل هذا وستقول ببساطة إن من أنتج الفيديو هو من يريد بها السوء، وأنها لا تسمح لنفسها بارتكاب مثل هذا الجرم، فللطفولة قدسيتها. ستنكر ذلك ولكنها سرعان ما ستعترف به عندما لا تجد مفراً من الاعتراف، تماماً مثلما أنكرت في البدء وجود قوات لها في سوريا، ثم قالت إنهم مستشارون قبل أن تعترف بوجود فعلي وكبير لها هناك بعد افتضاح أمرها بسقوط عدد كبير من مقاتليها ومنهم ضباط برتب عالية.
في كل الأحوال ليس غريباً تصديق العالم كله للفيديو الذي انتشر، فعدا سوابق إيران الكثيرة في هذا المجال وفي غيره فإن عملية تجنيد الصغار ليس بالنسبة لها موضوعاً صعباً حيث يكفي أن يقال إن هذه رغبة «الولي الفقيه» الذي هو ظل الله سبحانه على الأرض لتأخذ الأمهات صغارها إلى مراكز التجنيد أملاً في الحصول على الرضى والقبول.
ما يستغرب منه من شاهد الفيديو هو أن تدريب الصغار على السلاح ليس للدفاع عن إيران، ولكن عن نظام الأسد الذي ينهار بشكل سريع، أي أن أولئك الصغار يتعرضون لعملية ابتزاز سيكتب التاريخ عنها بكثير من الألم، فأي جرم أكبر من أخذ الصغار من أحضان أمهاتهم والزج بهم في أتون حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
هي جريمة كبرى ترتكبها حكومة الملالي في إيران ينبغي على العالم أن يتعاون على منعها، فالدفاع عن المقدسات سواء في إيران أو غيرها والدفاع عن نظام بشار الأسد يفترض أن يقوم به أصحاب الشأن وليس الأطفال الذين لا يعرفون عن سوريا سوى اسمها ولا يعرفون عن بشار إلا لقبه، يؤخذون ليفعل بهم ما لا يعرفون وليدافعوا عن أرض لا علاقة لهم بها وعن «أسد» ليس بـ «أسدهم».