الرأي

الملك سلمان يذكّر واشنطن بلطمة فيصل

الملك سلمان يذكّر واشنطن بلطمة فيصل




تتمثل الإشكالية الكبرى التي منها تنبع بقية الإشكاليات وإليها تعود، في المماحكات السعودية الأمريكية، في عدم فهم رجال واشنطن لما تعنيه الاستقلالية لدى صانع القرار السياسي بالرياض. فقد تجاوز الأمريكان نظرية «المدرسة السلوكية» لمواطنهم ريتشارد سنايدر، حيث أثبت في عام 1954 أن سلوكيات الدول هي أساساً سلوكيات الأفراد والجماعات، بعكس نظريات علاقات دولية أخرى. والمدرسة السلوكية تأخذ في الاعتبار البعد الإنساني في عملية صنع السياسة الخارجية، كدوافع صانعي القرار، ومدى توافر المعلومات لديهم. والأهم مفهوم مناسبة صنع القرار، كخصائص الموقف القائم لحظة اتخاذه، كوجود أزمة من عدمه. ومناسبة صنع القرار هي ما دفع الملك فيصل رحمه الله في 16 أكتوبر 1973 باتخاذ قرار الحظر النفطي «Oil Embargo» ضد الدول الداعمة للصهاينة، فنتجت فوضى في دوائر صنع القرار بواشنطن، وصدمة بنزين في الشارع الأمريكي. كما فقدت بورصة نيويورك 97 مليار دولار في قيمة أسهمها في أسابيع. كما كان من الآثار الكلية لصدمة قرار الملك فيصل ومعه الأوبك خطوة البنوك المركزية الغربية خفض أسعار الفائدة بشكل حاد لتشجيع النمو، فأدت إلى الركود. بل إن من آثارها على العلاقات الدولية أن نيكسون لم يفعل الكثير لمساعدة الليندي أثناء انقلاب بينوشيه عليه في شيلي عام 1973، ففقدت واشنطن ثقة حلفائها في صقيع الحرب الباردة مما دفع أوروبا الغربية واليابان بالتحول من تأييد إسرائيل لتأييد أكثر للسياسات العربية. ففي سياق الحد من مبادرات الملك سلمان الاستقلالية الحازمة، ظهرت قضية قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» الذي يجيز لعائلات ضحايا 11 سبتمبر مقاضاة حكومات من بينها السعودية. ويبدو أنه لابد من تذكير العم سام بين فترة وأخرى بالمدرسة السلوكية في العلاقات الدولية، فبيع ما يساوي 750 مليار دولار من ديون الخزانة، وغيرها من الأصول الأمريكية، قرار رجل حازم، وسيفجر البيع تداعيات اقتصادية قاسية كما قالت «نيويورك تايمز». أو كما قال المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية إن التعدي على حصانة الدول بقانون محلي يعني أن تقر الدول الأخرى قوانين مماثلة ستشكل خطراً على «جنودنا وعلى دبلوماسيينا».
بالعجمي الفصيح:
في الخليج يمكننا بقوانين محلية فتح ملفات مسكوت عنها في «اتفاقية وضع القوات، صوفا -Status Of Forces Agreement «SOFA ومسألة الولاية القانونية للقضاء المحلي على الجنود الأمريكان، والتي رفضها العراق وهو أضعف منا. وفتح ملف تنصت السفارات الأمريكية على هواتف الزعماء، وقائمة طويلة تجاوزناها في غياب الحزم. فهل نحتاج لتكرار لطمة الملك فيصل؟
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج