الرأي

توظيف العاطلين تجفيف لمنابع الإرهاب

قطرة وقت




ورقة عمل أكاديمية مهمة نشرتها صحف الإمارات أخيراً تحتاج إلى أكثر من وقفة والتفاتة من قبل المعنيين بملف البطالة في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي، فهي وإن تناولت موضوع أسباب تزايد البطالة بين مواطني الإمارات إلا أن ما توصلت إليه ينطبق على مواطني دول المجلس كافة وتلفت إلى قضية مهمة للغاية مرتبطة بها هي استغلال الإرهابيين لحالة العاطلين وتوظيفهم لديها وتحويلهم إلى قنابل موقوتة.
الورقة التي أعدها نائب مدير جامعة الإمارات للشؤون الأكاديمية الدكتور محمد عبدالله البيلي حددت سبعة أسباب وراء ما وصفته بـ«تزايد معدل البطالة بين الشباب من مواطني الدولة» واقترحت خمسة حلول، وأوضحت -كما جاء في التقرير المنشور عنها- أن البطالة مشكلة لها أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية، وترتبط بمتغيرات اقتصادية وتعليمية واجتماعية وثقافية وأنها تعدّ وقوداً للإرهاب، لأن العاطلين عن العمل يمثلون عجينة لينة للاستغلال، من حيث المال أو من باب الدين، وهي تدفع إلى اليأس الذي بدوره قد يدفع الشباب إلى الانخراط في الجريمة والإرهاب، مؤكدة أن «مشايخ الإرهاب يجدون في أوساط العاطلين الشباب الجاهز للتجنيد لاسيما أنهم يلعبون على وتر الدين والحوريات».
أما الأسباب السبعة التي رأت الورقة أنها وراء تزايد معدل البطالة في دولة الإمارات فأولها حالة الركود الاقتصادي العالمي وانعكاساته الطبيعية على الاقتصاديات المحلية، وثانيها ارتفاع معدلات النمو السكاني دون خلق واستحداث فرص عمل جديدة، ثم عدم مواكبة التعليم في بعض الأحيان للتطور التكنولوجي وغياب التنسيق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وسياسات استقدام العمالة الوافدة بطريقة الباب المفتوح دون ضوابط تحد من تعدد جهات الاستقطاب، وعدم مساهمة القطاع الخاص بشكل كبير، ولاسيما شبه الحكومي في استيعاب الخريجين المواطنين، وسابعها ضعف مساهمة قوة العمل المواطنة في وظائف القطاع الخاص. أما الحلول الخمسة التي اقترحتها الورقة ورأى الباحث أنها تسهم بشكل كبير في الحد من تزايد معدلات البطالة خلال الفترة المقبلة فأولها ضبط وتنظيم وتقنين سياسات استقدام العمالة، وثانيها تغيير اتجاهات شباب المواطنين نحو العمل في القطاع الخاص، ثم تشجيع المواطنين على ريادة الأعمال والاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والعمل على تضييق الفجوة بين مخرجات التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص من ناحية ومتطلبات سوق العمل من ناحية أخرى، وخامسها استحداث قوانين وتشريعات تلزم القطاع الخاص بنسب أكبر للتوطين.
التشخيص دقيق والحلول منطقية وواقعية، لذا فإن من المهم ألا تقف المسألة عند هذا الحد، وإنما العمل على تفعيل الحلول وإيجاد حلول أخرى رديفة، حيث من المهم أن تضع دول مجلس التعاون في الاعتبار أموراً عديدة أولها أن أعداد المواطنين العاطلين عن العمل ستزداد عاماً بعد عام، أي أن المشكلة ستكبر وتتعقد وقد يصعب بعد ذلك توفير العلاجات الناجعة لها، أي أن الساحة ستكون مفتوحة للإرهابيين ومهيأة ليفعلوا فيها ما يشاؤون، فالبطالة تسهل عمل الإرهابيين بل لعلهم يصلون بسبب تفاقمها إلى مرحلة الانتقاء بدقة فلا يحصل على «فرصة» تنفيذ العمليات الإرهابية إلا من تكون لديه واسطة قوية!
تبقى مسألة مهمة هي أنه ينبغي عدم توقع أن هذه المشكلة ستحلها الحكومات لأنها مسؤولية القطاع الخاص أيضاً ومسؤولية الأفراد من دون استثناء، ولعل الأفضل والأسهل هو المبادرة بتأسيس فريق عمل يضم ممثلين عن مختلف الأطراف ذات العلاقة لتفعيل الحلول والمتابعة في كل دولة خليجية على حدة، وكذلك تأسيس فريق عمل خليجي مشترك يضم ممثلين عن كل فريق من تلك الفرق، فالمشكلة واحدة وحلها في هذه البلاد لا يسد باب الإرهاب في البلاد الخليجية الأخرى.