الرأي

أمن المعلومات حول العالم

بين السطور


يعتقد الكثيرون أن العالم مليء بالذين يتجسسون على الآخرين، ولكن هذا الاعتقاد قد يحتمل الصواب أو الخطأ، لأن هناك سبباً وجيهاً، هو أن التجسس في زمن مجتمع المعلومات لا يأتي إلا بوجود مصلحة سواء كانت هدفها أمنياً أو انتقامياً أو غيرها من الأسباب، مما يتطلب أن تخضع الدول جميع أنظمتها المعلوماتية لجدار دفاعي ومن هنا جاء مصطلح أمن المعلومات.
الأمن المعلوماتي مصطلح جديد ورد في الساحة بعد التطور التكنولوجي الهائل، ويعرف الأكاديمي والمختص بشؤون القانون الدكتور عايض المري مجتمع المعلومات على أنه «هو العلم الذي يبحث في نظريات واستراتيجيات توفير الحماية للمعلومات من المخاطر التي تهددها، ومن انشطة الاعتداء عليها، ومن زاوية تقنية، هو الوسائل والأدوات والإجراءات اللازم توفيرها لضمان حماية المعلومات من الأخطار الداخلية والخارجية. ومن زاوية قانونية، فإن أمن المعلومات هو محل دراسات وتدابير حماية سرية وسلامة محتوى وتوفر المعلومات ومكافحة أنشطة الاعتداء عليها أو استغلال نظمها في ارتكاب الجريمة، وهو هدف وغرض تشريعات حماية المعلومات من الأنشطة غير المشروعة وغير القانونية التي تستهدف المعلومات ونظمها «جرائم الكمبيوتر والإنترنت»».
إذاً فأمن المعلومات هو مصطلح شائك ومتعدد الاستخدامات، إلا أن الواقع يفرض على الجميع أن الحرب اليوم هي حرب معلوماتية فمن يملك مخزون المعلومات والمعرفة هو من يسيطر على العالم، فمثلاً لا يمكن لدولة مثل اليابان لا تملك الطاقة أن تكون من الدول المتقدمة من دون وجود معرفة تكنولوجية وهي تعتبر من مصاف الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا وصنع الإنسان الآلي مثلاً.
الحقيقة أن العالم اليوم يمر بالعديد من المنعطفات، فلا يمكن أن تتجاهل أي دولة بالعالم أن توفر لمعلوماتها نظام أمني متكامل، إلا أن الفرد قد يغفل عن هذا الجانب بقدر ما تقوم به الدول، وخصوصاً الدول الرائدة بهذا المجال خاصة في صنع البرمجيات عالية الجودة، حتى لا يتم اختراق انظمتها، وبالفعل أن الواقع يتطلب علينا أن نضع هذا الأمر بعين الأعتبار، فعمليات التجسس بدأت أخبارها تنتشر، لاسيما أن جميع الدول تعتبر المعلومات هي مصدر مهم لاتخاذ قراراتها واستراتيجياتها المستقبلية مع دول الجوار.
إن الشركات الكبرى التي تملك المعلومات هي للأسف أغلبها شركات أمريكية، ومن ثم اصبحت عملية التجسس اليوم بالنسبة لهم سهلة جداً، فلا يمكن أن تعجز الاستخبارات الأمريكية عن أن تتعرف على موقعك أو ماذا تفضل من طعام وغيرها من المعلومات الشخصية على أعتبار أن هذه الشركة أمريكية ويجب عليها التعاون معهم، تحت مسمى حفظ الأمن القومي، وعليه فإنه لا يمكن أن يتم تأسيس منظومة معلوماتية في غاية الأمن، إلا بضوابط، فوسائل التواصل الاجتماعي وضعت نصب أعينها أن تخضع معلوماتك الشخصية لتصرفها، وبالتالي نحن أمام قضية ليست على المستوى الشخصي، بل على المستوى الدولي، بمعنى أن أي معلومة لدى شخصية سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو عسكرية أي كان مستواها، مهددة بالفضح متى ما أرادوا ذلك، ويأتي هنا دور الأمن المعلوماتي الذي توفره الدول لمواطنيها أو ما توفره من أمن معلوماتي للاستراتيجيات التي تعمل عليها.
أما على الصعيد المحلي، فنحن ندرك الجهود المبذولة من جميع قطاعات الدولة وخاصة وزارة الداخلية التي لا يغفل عليها هذا الجانب، إلا أننا ندعوها في ضوء هذا التطور التكنولوجي، إلى زيادة مستويات الوعي بأهمية تحمل الفرد مسؤولية حفظ المعلومات الخاصة به، أو الذي يقوم بنشرها عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إن العالم اليوم أصبح قرية واحدة، فالمعلومات الصادرة أو الذي يقوم بنشرها من المحتمل أن تتسبب بالأضرار به من خلال ابتزازه أو بالاضرار بالدولة من غير قصد، فالفرد يلعب دوراً مهماً في حفظ معلوماته، ولابد الا يكون مصدر معلومات لدى استخبارات الدول الاخرى، مما يتطلب منا العمل على زيادة المحاضرات وحملات التوعية الخاصة بأمن المعلومات، والذي سيكون له الدور الإيجابي في خلق ثقافة مفادها أن أمن المعلومات هو مسؤولية الجميع، فلا يمكن للدولة أن تصرف الملايين لتوفير الأنظمة الجدارية ويقوم الفرد بنشر معلومات عبر برامج التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني ليستخدمها الأعداء لتهديد أمننا المعلوماتي، فاليوم الحروب تبدأ بمعلومات وتنتهي بأرواح.