الرأي

اللبنانيون.. ضحايا «حزب الله»

صهيل




التصريح الصحافي الذي أطلقه الأمين العام السابق لـ «حزب الله» اللبناني الشيخ صبحي الطفيلي قبل أيام قليلة حول ما يسمى «حزب الله»، عبر عن هموم مئات الأسر اللبنانية التي قتل أبناؤها في سوريا بأيدي الحزب نتيجة لزج الحزب لعناصره في حرب سوريا طاعة وتنفيذاً لـ «الولي الفقيه» في إيران.
الشيخ الطفيلي قال في تصريحه: «إن الشيعة في لبنان غاضبون من القتال في سوريا، والجثث التي تصل إلى الجنوب أفرزت وضعاً مأساوياً ومقهوراً، والناس هناك تشتم وتلعن من أخذوا أولادهم للقتال في سوريا».. وأظن أن هذه الجملة الغاضبة للطفيلي تترجم الغضب الشعبي الكبير للشعب اللبناني الذي فقد الكثير من أبنائه في سوريا خلال الأعوام الخمسة الماضية، فعادوا إلى وطنهم في توابيت مخلفين ورائهم عدداً كبيراً من الأمهات الثكالى والأبناء الذين خط «حزب الله» مصيرهم وكتب عليهم اليتم وفقدان الآباء بسبب تغرير الحزب بعقول البسطاء وإيهامهم أن حرب سوريا «مقدسة».
ولكن هذه الحرب خلفت مآسي على اللبنانيين وحملتهم ما لا يطيقون، ولا يوجد ما هو أكثر من فراق الأحبة بموتهم في مثل تلك الحرب، وهذا ما دفع بالطفيلي إلى ذلك التصريح، خاصة بعد أن تجاوز عدد القتلى من عناصر الحزب في حرب سوريا 865 قتيلا خلال الفترة من سبتمبر 2015 إلى فبراير 2016، وهو ما ذكره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في تقريره الصادر مؤخرا حول خسائر الحزب اللبناني في سوريا خلال الاعوام الخمسة الماضية.
ذلك التقرير أكد صراحة أن العدد المذكور من قتلى «حزب الله»، يعكس الحد الأدنى المطلق لعدد القتلى، إذ من المرجح أن يكون العدد الفعلي اكبر من ذلك، وأن إيران – كما ذكر التقرير – كانت تفضل أن تزج بالحزب في الحرب السورية بشكل مباشر بدلا من نشر قوات الحرس الثوري الإيراني، ولكنها تراجعت عن هذا الخيار لأسباب استراتيجية تتعلق بإثارة الجهات الخارجية من جهة، واحتمالية ضعف «حزب الله» في الداخل اللبناني، مما يؤدي إلى فقدانه لقوته الداخلية من جهة، ومن جهة أخرى استغلال جهات معينة هذا الضعف بما لا يخدم إيران ومصالحها الخارجية، أي ان زيادة اعداد القتلى في صفوف «حزب الله» في سوريا تهدد في النهاية التوازن العسكري في لبنان بل تغري الجهات الخارجية لاستغلال انشغال الحزب في الخارج من أجل تلقين الحزب درساً في الداخل اللبناني. ونتيجة لذلك، بدأ الحرس الثوري الإيراني ينشر عدداً أكبر بكثير من قواته في سوريا.
ما يسمى بـ «حزب الله» حاد عن دربه وشذ عن أهدافه الأساسية عند تأسيسيه، وهي محاربة العدو الصهيوني، وذلك عندما زج بعناصره في «وحل سوريا» وهو ما يؤكد أن هذا الحزب أهدافه متحركة بحسب المواقف أو بالأحرى بحسب ما تمليه عليه إيران التي تتحكم في الحزب تحكماً ملحوظاً وفاضحاً، والضحية الأكبر هم اللبنانيون الذين يدفعون الثمن من أرواحهم، والطفيلي عبر عن هذا الامر بقوله: «سندفع ثمن دخولنا إلى سوريا شئنا أم أبينا عبر عقود من الزمن وقد يكون عبر قرون، لقد فتحنا جرحاً لن يندمل بسهولة، وهذه مسألة خطرة، نحن جزء من فتنة ونحن جزء ممن قتل المسلمين في سوريا».
إذا ما تحدثنا عن القتل والدمار في العالم العربي فلا بد أن نعود إلى المتسبب الأول في هذا الأمر، ولن نحتاج كثيراً لندرك أن إيران هي رأس الفتنة، فهي الأفعى التي تحاول أن تلتف على العالم العربي لتتحكم فيه وتسيطر عليه، ولا تهتم إيران بالثمن الذي سيدفعه بعض العرب لتحقيق أهدافها طالما يوجد «دم عربي» قادر على أن يسيل من أجلها مثل عناصر «حزب الله» في لبنان، والحوثيون في اليمن، والعلويون في سوريا، والطابور الخامس في دول الخليج العربي، وهذا ما يجب أن يدركه هؤلاء العرب إن بقي من عروبتهم شيء.