الرأي

أزمة ثقة أكبر من أزمة علاقات

نظــــــرات



منتصف الأسبوع الجاري سألني أحد الحضور في الندوة التي شاركت فيها بعنوان «الخليج بدون الأمريكان» في مركز الجزيرة الثقافي عن كيفية الحديث عن هذه الحال الافتراضية مقابل عقد قمة خليجية-أمريكية الأسبوع المقبل في العاصمة السعودية الرياض.
كان ردي مقتضباً، وهو أن القمة المقبلة هي امتداد للقمة الخليجية-الأمريكية السابقة التي دعا إليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما العام الماضي في كامب ديفيد كردة فعل على التحفظ الخليجي واسع النطاق إثر الإعلان عن توقيع الاتفاق النووي الإيراني بدون مشاورة خليجية.
العلاقات الخليجية-الأمريكية رغم زخمها الواسع، وحجم المصالح الاستراتيجية بينها، والعلاقات التاريخية التي تجمعها، إلا أنها اليوم تفتقد للثقة. في العلاقات الدولية إذا كانت الثقة معدومة، فإن المجال مفتوح أمام عدد غير محسوب من الأزمات المتتالية. لذلك تابعنا أزمة الخدعة الأمريكية بعدم توجيه ضربات عسكرية للقوات السورية عقب استخدامها السلاح النووي، ثم أزمة الاتفاق النووي وتداعياتها، وأخيراً أزمة تصريحات أوباما المسيئة لدول مجلس التعاون الخليجي.
القمة الخليجية-الأمريكية الثانية هي محاولة أخرى لإعادة الثقة للعلاقات بين الطرفين، ورغم أهميتها، إلا أن متغيرات التوقيت ليست مماثلة لتلك التي كانت موجودة عندما عقدت القمة الأولى في مايو 2015.
رغم التباينات بين دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنها تمكنت سريعاً من إعادة تعريف التحولات في القوة الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وتحركت سريعاً لمنع أي فراغ سياسي محتمل. إضافة إلى تحركات الدبلوماسية السعودية التي تقود حلفاءها الأقرب في دول المنظومة الخليجية لإعادة تفعيل التحالفات القديمة غرباً ممثلة بمصر، وشمالاً ممثلة بالأردن. باختصار معطيات قمة 2015 مختلفة عن قمة 2016، والمقصود سيكون واضحاً خلال أيام.
من الواضح أن الجهود الأمريكية لاستعادة الثقة معدومة، حيث لم تبذل إدارة الرئيس أوباما أي جهود لاستعادة ثقة الخليجيين حكومات وشعوباً، ولذلك كانت المفارقات في التحولات الهائلة للرأي العام الخليجي الذي لا يثق نحو 91% منه في السياسة الأمريكية تجاه مجلس التعاون، إضافة إلى أن 62% منه لا يؤيدون التحالف الخليجي-الأمريكي.
مثل هذه الأرقام مثيرة، وجاءت في سياق دراستي لحال الخليج بدون الأمريكان. وهي تعكس التجاهل الأمريكي المقصود لاستعادة الثقة مع مجتمعات وشعوب دول المنطقة. لا يمكن التعويل كثيراً على إدارة الرئيس أوباما، لأن الفترة المتبقية من رئاسته الثانية ستكون أقل من انتظار يوم الشهيد في البحرين، ومن غير المعروف توجه الإدارة الأمريكية الجديدة سواءً كانت ديمقراطية أم جمهورية.