الرأي

صوت المواطن.. عنبر أخو بلال يا أهل المحرق! «4»

صوت المواطن.. عنبر أخو بلال يا أهل المحرق! «4»




عندما أثرنا في مقالاتنا قضية الصناديق التي تسور البحر الوحيد المتبقي كملك عام في المحرق، قوبلنا ببعض الاتهامات بأننا موجهون لحملة تهدف إلى انتزاع البحر من أصحاب الصناديق، لتسليمه لأحد المستثمرين، وكل هذه الاتهامات مردود عليها، لكن قبل ذلك نشدد على أننا لسنا مع أي طرف من الأطراف المتنازعة حالياً، بل ليعتبرنا القارئ طرفاً ثالثاً، مهتماً بأن يبقى الساحل ملكاً عاماً بعيداً عن أي مستثمر أو محتكرا لفئات معينة سواء بحارة أو غيرهم.
وللعلم جاءت فكرة طرح المقال في يناير الماضي بعد مرورنا بالسيارة في الممر المختصر للخروج من ساحل الغوص، وتأجلت الفكرة، وبعدما جاء قرار سمو رئيس الوزراء، جاءت النية الجادة للمطالبة والتشديد على أهمية أن يبقى الساحل ملكاً عاماً لأهل المحرق جميعهم، لا أن يكون مصير تطويره مثل بقية السواحل ممشى لا شاطئ.
سنبدأ بمسألة اتهامنا بعدم الاهتمام بمشاعر من عاش عمره عند البحر من أصحاب الصناديق، لنقول ولماذا لم تفكر وأنت تنصب هذه الصناديق المخالفة بأنك حجبت البحر الوحيد الباقي عن أهل منطقتك الذين آباؤهم وأجدادهم عاشوا عمرهم ليس عند البحر فقط، بل حتى داخله، وهم في رحلات الصيد والغوص، وتربطهم به علاقات تاريخية وثقافة أعمق بكثير من مجرد صناديق، لماذا لا تهتمون بمشاعرهم وهم يجدون أطفالهم لا يعرفون عن أمور البحر شيئاً؟! هل حلال عليكم الاستمتاع بهواية الصيد والسباحة والجلوس عند البحر وغيركم لا؟! هل ستعوضونهم عن كل السنين الماضية التي حرمتموهم منه لو ذهب البحر إلى مستثمر وخسروه للأبد؟!
لنأتِ إلى بعض أهل المحرق الذين تضامنوا مع أصحاب الصناديق، خوفاً من أن يذهب البحر إلى مستثمر، لنقول لهم أنتم تأخذون حقكم وحق أطفالكم وعائلاتكم من البحر، وتسلمونه لمن هم مثل المستثمر، الذي سيحجب البحر عنكم، بكلمات أخرى يعني تسوير البحر بالصناديق مكن الناس من الوصول له مثلاً؟ «نفس الحال وأردى!»، في هذه القضية هناك تعامل قانوني وتعامل إنساني، القانوني أنه لا يمكن لأي شخص وضع يده على أرض تعد ملكاً عاماً للدولة وتسويرها، حتى لو مضى على ذلك سنين، كما أن من استغل الموضوع وأوجد له صناديق لأغراض أخرى لابد من التعامل معه بحزم، أما التعامل الإنساني، فمن باب مراعاة البحارة الهواة الذي يعد الصيد مصدر دخل إضافي لهم لابد من تخصيص بديل آخر لهم وضمان ألا تقطع أرزاقهم بعد تطوير الساحل.
كان هناك سؤال أعجبنا بخصوص الصناديق الحالية يقول: «لو تم إبقاء هذه الصناديق هل أبناء أصحابها سيكونون بحارة؟ أحدهم علق: «ولا أحد له الحق يضع طابوقة واحدة فضلاً عن كبائن وزرع وبكرة يحتاجون مصلى وعقبه جامعاً ومستشفى ومدرسة!».
هناك من اتهمنا بأن مقالاتنا تتجه لقطع أرزاق البحارة وندعوه لقراءة المقال الذي اقترحنا فيه إيجاد مرفأ للهواة، فما لا يعرفه الناس أن هناك فرقاً بين الصياد المحترف والهاوي، ونحن حتى هذا الهاوي راعينا مصلحته ولم نرضَ بقطع رزقه، وكلمة نقولها لمن يؤيد استمرارها «ألا يعد تسوير البحر بهذه الصناديق التي وضعها غير مناسب لتواجد العائلات قطع رزق أيضاً؟ لماذا لم تفكر في الدفاع عن رزق أهل المحرق جميعهم من البحر؟ لماذا التفكير أصبح فئوياً في الرزق والمنفعة؟
كما أن أكبر متضرر هو المواطن العادي، فلو ذهب البحر لمستثمر فالبحارة سيعتصمون وسيأمر لهم بفرضة أو مرفأ بديل، لكن المواطن سيكون قد حرم من البحر الوحيد الباقي في المحرق. نشدد على فكرة أن بقاء الوضع على ما هو عليه يماثل تحول الساحل لملك خاص لمستثمر، وفي كلتا الحالتين الناس ستحرم من البحر، ولنفترض أن الساحل خسرناه وأخذه مستثمر فهو قد يسمح للناس بالدخول للشاطىء بمقابل مادي لكن ترك الصناديق على هذا الحال وتكاثرها يعني حتى رؤية البحر «ما تقدر تطولها!».
لنتخيل السيناريو التالي: شخص وجد أرضاً خالية في أحد الفرجان فقام وسورها بصندقة واصبح «يترزق منها»، بعد سنين يريد أهل الفريج استرداد حقهم وإزالتها لإنشاء حديقة عامة تخدم الكل مع إيجاد بديل آخر له، فيذهب ويقول للناس: «لن أتركها لأنني أخاف على مصلحتكم فلو تركتها قد يأتي مستثمر ويحرمكم منها؟». الواقع أنت لا تخاف على مصلحتهم بل على مصلحتك فلو كنت مع مصلحتهم لما أخذت حقاً عاماً لهم بالأصل وحرمتهم إياه سنين طويلة وغيبت هذه الحقيقة عنهم!
لن يستوعب الناس هذا الواقع إلا عندما تبقى هذه الصناديق، ويأمر بتطويرها، واستمرار تواجدها، ويذهب أحد المواطنين مع أبنائه عند الساحل فيطرد بادعاء أنها أملاك خاصة أو اتهامه بسرقه أدواتهم البحرية، هنا الناس ستستوعب معنى كلمة «عنبر أخو بلال!».
* إحساس عابر:
من يتعذر بأن دعمه للصناديق أفضل من حال تحول الساحل إلى ممشى نقول له بل نحن نطالب أن يكون شاطئاً عاماً، من يريد أن يسبح فيه يسبح، ومن يريد أن يصيد فليصيد، ومن يريد المشي يمشي، نحن مع توجيه سمو رئيس الوزراء «تطوير الساحل بما يخدم الترفيه العائلي والصيادين».