الرأي

تاريخ الحروب والتمرد الخليجي

نظــــــرات


حال غير متوقعة إذا انتهت الحروب في الخليج، حيث الصراعات تعصف بالإقليم منذ سبعينات القرن العشرين مع اندلاع الثورة الإيرانية في 1979.
ربما يكون قدر الخليجيين أن يواجهوا حرباً في كل عقد من الزمن، ففي الثمانينات الماضية شهدنا الحرب العراقية ـ الإيرانية، وفي التسعينات الغزو العراقي للكويت، وحرب تحريرها، ثم الغزو الأمريكي ـ البريطاني للعراق في العقد الأول من الألفية الجديدة، أما العقد التالي الذي نعيشه اليوم فإننا نشهد الحرب على الإرهاب، ومواجهة تنظيم «داعش» المتطرف، وتمرد الحوثيين المتطرفين في اليمن، وقد نشهد حرباً أخرى لأنه مازالت هناك أربع سنوات قبل انتهاء العقد الحالي.
حروب الخليج العربي بدأت بين دول كما في الحالتين: العراقية والإيرانية، ثم العراقية والكويتية، وغزو العراق أيضاً. ثم تطورت وأصبحت بين دول وتنظيمات ثيوقراطية راديكالية «الحوثيون وداعش» وهي المرحلة الثانية الحالية. وليس واضحاً مستقبل الحروب في المنطقة.
هذا التسلسل التاريخي يعكس لنا درجة الصراع المعقد في الخليج العربي منذ انتهاء الهيمنة الأجنبية رسمياً فيه مطلع السبعينات الماضية. ويمكننا أن ننظر إليه من زاوية مختلفة، حيث تعيش المنطقة تراجع النفوذ الأمريكي الذي يعد أقصر نفوذ أجنبي شهده الخليج العربي منذ عهد البرتغاليين قبل قرون.
يمكن القول إن الخليج العربي يعيش الآن مرحلة التمرد السياسي على القوة الأجنبية المهيمنة عليه، ومثل هذا التمرد لم يحصل سابقاً عندما انتهى النفوذ البرتغالي، أو الهولندي، أو حتى البريطاني لاحقاً. ويمثل هذا التمرد السياسي الذي تقوده دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية بداية لظهور قوة إقليمية خليجية من الممكن أن تكون مؤثرة في مستقبل تفاعلات الشرق الأوسط خلال المرحلة المقبلة. وفي حال ذلك، فإننا أمام مرحلة انتهاء النفوذ الأجنبي عن المنطقة الذي يأتي عادة باسم المصالح والتحالفات الإستراتيجية، ويسوق نفسه على أنه حارس المنطقة وحاميها.
الخليجيون ليسوا بحاجة لمن يحميهم أو يدافع عنهم، وإن كانوا بحاجة لذلك سابقاً، إلا أن ظروف اليوم مختلفة تماماً. والقارئ الجيد لتاريخ المنطقة يدرك جيداً القدرة الفائقة والسريعة على تشكيل التحالفات بين دول مجلس التعاون حكاماً وشعوباً متى ما ظهرت التحديات المصيرية.