الرأي

من دروس التقيّة.. حذارِ من التصالح مع إيران

في الصميم




انشغلت الأيام الماضية في البحث عن التكوين البيولوجي والنفسي والاجتماعي في الأسباب التي دفعت النظام الفارسي للندم وطلب المغفرة وفتح صفحة جديدة مع دول الخليج العربي، لكن لا أخفيكم سراً، لم أصل إلى تفسير علمي مقنع يكشف السبب.
في البداية، أود القول إن الحياة دروس وعبر، وإن الثمن الفادح الذي دفعته البحرين من حاضرها ومستقبلها ومن أمنها القومي وتعلمناه، قيادة وشعباً، من المحاولة الانقلابية في 14 فبراير 2011، لم يأت بـ«بلاش».
نعم، سقطنا، لكن نهضنا أقوى مما كان، كل يوم مر علينا حملَ معه أوجاعاً وآلاماً بطعم الدم، كل دمعة في مقلتنا وحدقات مآقينا تعلمنا كيف نمسحها، كل غلطة وقعنا بها وتعثرنا بها استفدنا منها، التجارب التي مرت بنا كانت لنا درساً قاسياً.
نعم، دفعنا الثمن غالياً من دماء أبنائنا، وسلوا الشهداء من رجال الشرطة الأبرار، كاشف منظور، أحمد المريسي، عمران أحمد، عامر عبدالخالد، محمد أرسلان، وعمار عبدالرحمن وغيرهم، ومستعدون أن ندفع المزيد من دماء أبنائنا، لكن لم ولن نركع لفارس وسكان الجحور والمغارات، ولن تهز شعرة من رأسنا أذنابها، ولن يخيفنا إرهاب أذيالها، ولا طابورها الخامس في الخليج.
«يا ناس يا عالم يا هوو»، ما تسعى إليه إيران اليوم ليس صفحة جديدة بل «تقية» سياسية، و«التقية» بمفهومها الفارسي تعني: «مصانعة الناس والتظاهر بغير ما يعتقد وكتمان الحقائق وستر الاعتقاد فيها، ثم التظاهر بعكس الحقائق الخفية أمام الآخرين، لحين بلوغ الهدف»، وهذا السلاح الخبيث الذي لا يقلّ خطراً عن سلاح إيران النووي، ديدنها ودينها ولا يجوز تركه إلى يوم القيامة، فتركه بمنزلة ترك الصلاة.
وسبق أن عاصرنا وشاهدنا إيران وهي تمارس «التقية» بالطول والعرض مع دول الخليج والعرب والغرب وأمريكا، وفي كل مرة تخلف عهودها وتغدر بنا، فحذارِ من «الولي الفقيه»، فهو مخادع بلا أدنى شك، لديه مشروعه الاستراتيجي التوسعي لتدمير المنطقة، وقد تحالف سراً وعلانية مع قوى كبرى كي يحقق ما يصبو إليه من تصدير ثورته الخمينية المدمرة لدول الخليج، بل إنه ذهب بعيداً تحت الطاولة في دعم التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها القاعدة، وذلك وفق وثائق وشهادات يتم نشرها حالياً، تثبت تورط إيران في اعتداءات 11 سبتمبر، ولم أعد بحاجة لاستدعاء معلومة تورطها من قبل في تفجير أبراج الخبر بالظهران، بل حتى شعبها لم يسلم من إجرامها، سلوا الأحوازيين والأكراد والبلوش والآذريين والسنة العرب، بعض تلك الجرائم مثلت إحدى أكبر الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية.
إذا رأيت يا سيدي أن كان كلامي فيه من الانفعال والإجحاف غير المبرر، فأرجوك تعال لنتصفح قليلاً من مجلدات جرائم نظام الملالي ضد العرب، وأهل السنة والجماعة تحديداً..
لم يجرم نظام بحق دول العالم، وتحديداً دول الخليج، كما فعل نظام الملالي، هل تتذكر ما حدث في البحرين؟ هل تشاهد ما يحدث في سوريا؟ أربعمائة ألف من أبناء الشعب السوري سقطوا ضحايا حرب طائفية قادتها ميليشيات «حزب الله» الإرهابية المدعومة من إيران ضد هذا الشعب المسالم الذي لا جرم ارتكبه سوى أنه طالب بالحرية والكرامة وبمستقبل أفضل.
عشرات الألوف مازالت تسقط في العراق علي يد ميليشيات «حالش» المدعومة من إيران، ناهيك عن ضحايا أبناء الشعب اليمني والأحوازي الذين سفكت دماؤهم جراء جرم هذا النظام الفارسي الفاشي.
ما أسهل أن تطلب إيران الغفران من دول الخليج العربي وفتح صفحة جديدة، وما أسهل أن نسامح ونغفر كشعوب خليجية فطمت على الطيبة والتسامح والتعايش السلمي، ويا سيدي «عفا الله عما سلف».. لكن هذا في حال إذا ما كان الخلاف سياسياً أو نزاعاً إقليمياً وحدوداً مشتركة، أما ضحايا ودماء، وتدريب وتصدير خلايا إرهابية، ومتفجرات، وتآمر على أمن دول الخليج وعروبة أراضيها وشعبها، فدعني أقول لك الإجابة الحاسمة القاطعة، المطالبة بصفحة جديدة لا تعني طي صفحة الماضي بكل مآسيها وخرابها وآلامها، ونسيان دماء أبنائنا الشهداء.
بذمتك ودينك هل يمكن أن تنسى كل ذلك وتفتح صفحة جديدة، أليست دماء الشهداء أغلى من «الولي الفقيه» وأذنابه وأذياله؟