الرأي

إيران تطلب التهدئة إياكم وتصديقها

كلمــة أخيــرة



أكبر خطأ ممكن أن ترتكبه دول مجلس التعاون الآن هو الاستجابة لطلب إيران بالتهدئة الإعلامية، سيكون ذلك بمثابة شراء سمك في الماء، إن الصحيح هو استمرار الضغط الإعلامي والسياسي الذي شكت منه إيران، ومصاحبة هذا الضغط «الصوتي» بتحرك على الأراضي الإيرانية بل والتعامل بالمثل أي بتزويد المتمردين بالسلاح والتدريب والدعم السياسي واللوجستي، وإعلان الوصاية العربية والسنية على مواطني إيران من ذوي الأصول العربية وأتباع المذهب السني، هذه هي اللغة الوحيدة التي تفهمها إيران.
فوفقاً لجريدة الراي الكويتية عدد أمس السبت حمل وزير الاستخبارات الإيراني سيد محمود العلوي رسالة خطية من الرئيس روحاني لأمير الكويت يطلب فيها التهدئة وحل الخلافات البينية ويشكو فيها أن دول الخليج «يتحدثون» بسوء عن إيران في وسائل إعلامهم، أو وفقاً للراي وصف سيد محمود خطاب وسائل الإعلام أنه عدائي «متحدثاً عن الخطاب العدائي لإيران في مختلف مستويات مؤسسات الدول الخليجية وخصوصاً المستويين الإعلامي والسياسي، ضارباً مثالاً على «تدخلات كثيرة رصدت في منطقة الأحواز مع دعوات إلى دعم انفصال الإقليم بالمال والسلاح»، إضافة إلى الحديث المتكرر عن دعم دول خليجية لفصائل بعينها في العراق وسوريا «تساهم في تكريس مناخات التشدد ولا تساعد على تكريس اللحمة الإسلامية».
إياكم إياكم أن تنخدعوا بهذا الطلب، فحتى اللحظة دول الخليج لم تضايق إيران على أرضها ولم تحرك على أرضها أياً من أوراق الضغط التي تملك دول الخليج تحريكها، كعرب الأحواز وبقية الأقليات العرقية والدينية في إيران وما أكثرهم وجميعهم ناقمون على النظام الإيراني.
حتى اللحظة كل ما فعلته دول الخليج لا يزيد عن «مضايقات» إعلامية فقط، أي مضايقات صوتية لا أكثر ولا أقل، وحتى تلك المضايقات إلى اللحظة محدودة جداً ولم تفعل بكامل طاقتها الإعلامية ولا تزيد عن اجتهادات فردية لهذه القناة أو تلك، ومع ذلك بدأت إيران تستشعر خطورة تلك «المضايقات» المحدودة، فأرسلت تطلب «هدنة» بوساطة كويتية وفق جريدة الراي الصادرة يوم أمس، وستخطئ دول الخليج خطأ قاتلاً إن هي استجابت لهذه الدعوة.
مازال طريقنا طويلاً مع إيران ونحن لم نبدأ بعد، فإيران متغلغلة في العراق وسوريا وتحتل لبنان بالكامل، ومازال عملاؤها ناشطين في البحرين واليمن وشرق المملكة العربية السعودية والكويت، وتحتل جزراً إماراتية، وإيران لا تعرف حسن الجوار إلا في حالة واحدة فقط، إن هي تعرف أنها تضررت وممكن أن تتضرر أكثر، هذه هي اللغة الوحيدة التي تفهمها إيران، ليس أمامنا إلا أن نبقي أوراق الضغط التي نملكها فاعلة ونشطة لا بالضغط الصوتي فقط، بل بالضغط على الأرض، وقضية الأحواز من أنجحها وأكثرها قابلية لجعل النظام الإيراني لا يعرف النوم.
دعم الأحواز بكل ما نملك كفيل بتعليم إيران أن الله حق، وعدم الاكتفاء بالضغط على وكلاء إيران في لبنان وسوريا والعراق وعدم الاكتفاء بتقوية حلفائنا من أهل العراق ولبنان وسوريا لاستعادة زمام المبادرة وإعادة تلك الدول إلى جذورها العربية الأصيلة، إنما الذي يوجع إيران هو الضغط الداخلي، أي داخل الأراضي التي تحتلها إيران وتدعي ملكيتها كالأحواز وهنا تملك دول الخليج مساحة كبيرة من قدرتها على الحراك.
هي تضرب عصفورين بحجر في موضوع الأحواز، الأول توعية الشيعة العرب المخدوعين بإيران بحقيقة «الود والحب الإيراني» لهم، فحين يتحدث الشيعي الأحوازي عن معاناته لابن مذهبه وتوعيته بالخدعة الإيرانية فإن ذلك له وقع آخر، أما العصفور الآخر فهو فصل هذا الإقليم وجعله بوابتنا الشرقية التي نصد بها الغزو الإيراني.
لذا فإن فصل الأحواز وتحريرها لا بد أن تكون قضية دول مجلس التعاون الأولى من الآن فصاعداً بشكل فعلي وعملي وبدعم شعبي ورسمي وتستمر بضغطها السياسي والإعلامي الموجه للداخل الإيراني والموجه للمجتمع الدولي لفضح ممارسات وسلوكيات هذه الدولة المارقة، ولا نتوقف إلا حين تنكفئ إيران داخل أرضها وتعرف ماذا يعني أن تهتم بشؤونك فقط أو تبعات أن تتدخل بشؤون الآخرين.