الرأي

لماذا تستهدف تركيا؟!

لماذا تستهدف تركيا؟!





الحديث عن الدول الإقليمية التي تلعب دوراً إيجابياً من حيث دعم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، يقود بالضرورة إلى تركيا، حيث نرى من خلال الأحداث والتطورات والمستجدات المتداعية عنها بروز دور محوري حيوي لتركيا إلى الدرجة التي يتم وضعها بالحسبان غداة أية ترتيبات أو تحركات إقليمية أو دولية فيما يتعلق بالمنطقة.
أهمية دور تركيا ينبع من كونها لا تقوم باستغلال وتوظيف ما تقدمه من مساهمات ونشاطات إقليمية من أجل أهداف ضيقة، كما أنها ومشهود لها هذه الصفة لا تتدخل في شؤون دول المنطقة وإنما تحترم السيادات الوطنية وتتصرف في ضوئها، وأنها قد لعبت دوراً إنسانياً مشرفاً في كافة الأحداث والتطورات التي مرت بالمنطقة وقدمت وتقدم ما بوسعها من أجل مد يد العون والمساعدة والإغاثة في الحالات الطارئة.
الدور الإيجابي البارز الذي لعبته وتلعبه تركيا بخصوص الأوضاع في سوريا، خصوصاً من الناحيتين الإنسانية والسياسية والتي تتميز بكونها تصب في خدمة الشعب السوري، هو دور أشادت به دول المنطقة والعالم، وأثنت عليه واعتبرته نموذجاً للدور المثالي الذي يعتد به وجدير بالاقتداء به، خاصة فيما يتعلق باللاجئين السوريين وكيفية التعامل الإنساني التركي معهم، والنقطة المهمة التي يجب أن نقف عندها ملياً هي أن الأمم المتحدة والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، قد اعتمدت بصورة رئيسة على الدور التركي فيما يتعلق بقضية اللاجئين السوريين، وأن أية اتفاقات أو أمور يتم التباحث والنقاش بشأنها فإنه يجب أن يكون هناك من دور وحضور خاص لتركيا. الاهتمام بالجانب الإنساني من الأوضاع في سوريا والحرص على أمن واستقرار ومصلحة الشعب السوري يتجسد أيضاً في الدور السياسي الذي تقوم به تركيا بشأن الأوضاع في سوريا بشكل خاص، كما أن دورها بشأن المنطقة أيضاً يصب بنفس الاتجاه، وأنها قد لعبت دوراً يمكن القول عنه دور متوازن يخدم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة ويضع ذلك فوق كل اعتبار آخر.
الموقف الإيجابي التركي لا يتوقف عند حدود الأوضاع في سوريا والعراق وليبيا، وإنما يتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك، خصوصاً عندما نرى تفاهماً وتنسيقاً سعودياً تركياً مميزاً فيما يتعلق بالموقف من التطرف والإرهاب، كما أن الموقف التركي من القضايا العربية بصورة عامة، هو موقف إيجابي لا يمكن نكرانه، وإنما جدير بالإشادة به ومن يتتبع السياسات التي تتبعها تركيا وخصوصاً خلال العشرة أعوام المنصرمة، يجد أنها تسير باتجاه المزيد والمزيد من التقارب من الدول العربية والاهتمام بقضاياهم.
المواقف التركية المشرفة، وعلى مختلف الأصعدة، جعلتها ضمن بنك أهداف المنظمات الإرهابية التي لا تريد أو ترغب لدولة بحجم ومكانة وتاريخ تركيا أن تمنح الأولوية لأمن واستقرار المنطقة، ومن هنا فإن الأمن والاستقرار التركي مستهدفين من قبل الإرهابيين على أمل التأثير على دورها وثنيها عما تقوم به إقليمياً، لكن الذي يبدو واضحاً وجلياً هو أن تركيا قد وضعت كل كراتها في سلة المصالح العليا لشعوب ودول المنطقة وخدمة السلام والأمن والاستقرار فيها، وأنها قوية بما يكفي بموقفها الصحيح وبجيشها وأجهزتها الأمنية وبدعم شعبها.
* الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان