الرأي

«الولي الفقيه» لا يكذب!

في الصميم




خذ الحكمة وإن كانت من «خبل» مثلي يرفض تصديق أن «الولي الفقيه» ينوب عن الإمام الغائب في قيادة الأمة وإقامة حكم اللّه على الأرض، لأن حكم الله لا يقام على يد دجال وكاذب وإرهابي ومستحل لدماء المسلمين، بل على يد إمام أمين وصادق، يحفظ دماء المسلمين ويوحد كلمتهم، وهذا بعيد عن شنب خامنئي.
مأساة المرضى المشوهين خلقياً ونفسياً، بأنهم مصدقون أن هذا الكائن المغموس في الكذب حتي أخمص قدميه يمثل الإمام الغائب، رحم الله أبا الحسن حين قال: «لا سوأة أسوأ من الكذب».
إنها أزمة صدق قبل أن تكون ازمة إيمان، وكما أنه لا يمكن أن يجتمع الضدان المختلفان، كذلك لا يمكن أن يجتمع الكذب مع الإيمان، خصوصاً أولئك الذين يتعمدون الكذب لقوله تعالي: «إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون»، وصلوات الله وسلامه عليه يقول: «إذا كذب العبد كذبة تباعد الملك منه مسيرة ميل من نتن ما جاء به»، حديث الحبيب المصطفي موجه لمن كذب لمرة، فما بالك بمن أسرف في الكذب، وفي أولئك يقول جل وعلا: «إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب».
آخر صيحات الكذب الخمينية، ما نشرته قناة «العالم» الفارسية التابعة لـ «الولي الفقيه» الإثنين الماضي، مقطعاً مصوراً لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث زعمت قناة «الولي الفقيه» إن «النتن» وجه الشكر لحكام السعودية والإمارات و قطر والأردن ومصر لمساعدتهم في إضعاف إيران و»حزب الله»، فيما الحقيقة أن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي لم يذكر أياً من الحكام الخليجيين والعرب، بل أصلاً أن تلك التصريحات قديمة وليست بجديدة، تعود لعام 2012 ، قالها الـ «النتن» بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة، وتزامن مع بداية أحداث ما يسمي بـ «الربيع العربي» حيث تمنى نتنياهو انتصار الديمقراطية.
وفي الترجمة الصحيحة يقول: «إن الإسرائيليين الذين يعيشون الديمقراطية يعرفون معنى ومغزى نضال الشعوب العربية من أجل الديمقراطية»، طبعاً الـ «النتن» هنا يتكلم عن الثورات وليس المؤامرات والخيانات على الوطن، وبالتالي كلامه لا ينطبق على «الوفاقيين» الذين يعتبرون خامنئي قدوتهم ويتعلمون من كبيرهم «الولي الفقيه».
رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي دعا في المقطع المصور، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إلى أن يجعل العام الجديد فرصة للتوصل إلى تسوية تفضي إلى تحقيق السلام، ولم تتضمن الترجمة التي روجت لها قناة «العالم» الفارسية، اسم عباس على الإطلاق، وتضمنت كلمات مثل: «داعش»، وسوريا، والعراق، والشيعة.. وقد تكررت في تقرير «العالم» رغم عدم وجودها من الأصل!!
طبعاً هذه الكذبة ليست الأولى من نوعها، ومن يعرف تاريخ «الولي الفقيه» مع الكذب يتذكر جيداً خطاب الرئيس المصري السابق محمد مرسي خلال الجلسة الافتتاحية للقمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز والتي أقيمت في يناير 2012 في طهران حيث قام تلفزيون العالم بتغيير مفردة «سوريا» بخطاب مرسي إلى مفردة «البحرين» فضلاً عن عبارات أخرى، الأمر الذي أثر بشكل كبير على مضمون كلمة مرسي التي تعكس موقفه من الأزمة السورية.
وكانت معظم النقاط التي جرى فيها تحريف خطاب الرئيس المصري السابق تتعلق بالملف السوري، فعندما قال مرسي «إن الشعبين الفلسطيني والسوري يناضلان من أجل الحرية والعدالة والكرامة» سمعها الإيرانيون على تلفزيون بلادهم الرسمي «إن شعبي فلسطين والبحرين يناضلان للحرية».
وعندما ذكر مرسي تسلسل ثورات «ربيع العرب» بدءاً بتونس مروراً بمصر وليبيا واليمن وانتهاء بسوريا، حرف المترجم سوريا إلى البحرين وحول مفردة «الربيع العربي» إلى «الصحوة الإسلامية».
وامتد التحريف لمقاطع أخرى، أبرزها ما قاله مرسي عن حق النقض «الفيتو» الذي استخدمته كل من روسيا والصين لمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن الدولي ضد نظام بشار الأسد، فحين قال مرسي «إن الفيتو شل يد مجلس الأمن عن حل الأزمة السورية» تُرجمت في تلفزيون إيران الرسمي إلى «الفيتو شل يد مجلس الأمن عن حل أزمات التحولات الشعبية». وحين قال مرسي «إننا نتضامن مع الشعب السوري ضد الظلم والقمع» نقلها المترجم «نحن نتضامن مع الشعب السوري ضد المؤامرة الموجهة ضد هذا البلد»، وكذلك عندما قال الرئيس المصري إن «وحدة المعارضة السورية ضرورة» نقلها المترجم «نأمل ببقاء النظام السوري المتمتع بقاعدة شعبية».
فهل بعد كل ذلك، يليق بمن يدعي بأن ينيب الإمام الغائب أن يكذب، ولا هذه «ماخذتوه» في مدرسة «الولي الفقيه»؟