الرأي

«سايكس بيكو» خليجية أم عربية هذه المرة؟

نظــــــرات


في مثل هذا الوقت بالتحديد قبل مائة عام، وتحديداً في مارس 1916 جلس دبلوماسيان أحدهما بريطاني ويدعو مارك سايكس، والآخر فرنسي يدعى فرانسوا جورج بيكو على طاولة اجتماعات في اجتماع سري وأمامهما هدف واحد، وهو كيفية اقتسام مناطق النفوذ في غرب القارة الآسيوية من الدولة العثمانية التي شارفت على الانهيار آنذاك.
بعد شهرين تحديداً تمر الذكرى المئوية لاتفاقية «سايكس بيكو» التي شهدت عليها روسيا القيصرية في ذلك الوقت، وفرضت الانتداب الفرنسي والبريطاني على منطقة الشرق الأوسط.
فهل هناك «سايكس بيكو» خليجية أم عربية هذه المرة؟
ليس مهماً إذا كانت هناك اتفاقية مماثلة تستهدف الدول العربية من الغرب لأن ردة فعل العرب لن تتجاوز الثورات والاحتجاجات الشعبية الواسعة واستهداف المصالح الغربية.
ولكن الأهم هو كيفية التعامل مع الواقع الجديد، وإلى أي مدى لدى العرب القدرة والمرونة لأن يتعاملوا مع خريطة جغرافية جديدة، فالوقت متأخر للغاية لمناقشة تقسيم المنطقة واقتسام النفوذ فيها دولياً أو إقليمياً.
قبل ذلك من هي القوى التي يمكن تسيطر على الشرق الأوسط وتتقاسم النفوذ السياسي فيه كما تم في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى عندما بدأت الدولة العثمانية بالانهيار؟
طرح باحثون مؤخراً فكرة أن «سايكس بيكو» القرن الحادي والعشرين ستكون بين قوتين إقليميتين وهما إيران وإسرائيل برعاية غربية من الولايات المتحدة وروسيا، وهو ما يفسّر اهتمام هاتين الدولتين الآن بتقاسم النفوذ في ظل الفوضى المستقرة التي تشهدها المنطقة. فإيران حاولت التمدد عسكرياً لتشمل مناطق نفوذها العراق ولبنان وسوريا وكذلك اليمن، مقابل الهدوء الإسرائيلي الحذر الذي لم يتحرك حتى الآن ليسيطر على إحدى الدول مباشرة، ومع ذلك فإن هناك أطروحات تتحدث عن أن النفوذ الإسرائيلي لن يكون بشكل مباشر، وإنما سيكون بشكل غير مباشر وسري مرحلياً كما هي أطروحات مركز أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب الذي يرى أن العلاقات الدبلوماسية العلنية مع دول مجلس التعاون لن تكون مجدية بل ستكون أضرارها أكبر، ولذلك يؤكد المركز ضرورة الحفاظ على الطابع السري في العلاقات.
وفي ظل هذا الطرح، فإنه يتوقع أن يكون نطاق الاستهداف بـ «سايكس بيكو» القرن الحادي والعشرين هي دول الخليج العربي التي مازالت القوة الرئيسة المؤثرة والمستقرة في الشرق الأوسط في تراجع نفوذ معظم الدول العربية التي تعاني من تداعيات الفوضى المستقرة في المنطقة، ومجموعة من التحديات الداخلية تدفع سياساتها الخارجية ونفوذها الإقليمي نحو مزيد من الانكماش.