الرأي

من شواهد الأيام

رسائل حب





لنا موعد متجدد مع ترانيم الأيام وشواهدها، فكل يوم يعد العدة لمواقف متغيرة يقضي معها المرء أوقاته ليرسم مكانته في الآخرة.. في كل يوم تتعدد المشاهد الحياتية، وتتنوع الخبرات وتزيدنا قوة من بعد قوة لمجابهة كافة الخطوب التي نواجهها.. هي شواهد الأيام التي علمتنا أن نعيش من أجل تأصيل الخير في ذواتنا، والعمل من أجل إسعاد الآخرين وبذل الخير في طريقهم حتى نتحصل الأجر الكبير.. هنا بيت القصيد.. عندما تكون شواهد الأيام هي من أجل أن نصل إلى واحة العطاء الجميلة.
* الشاب النجيب والابن البار حافظ القرآن والمقرئ المتميز صاحب الأداء الجميل، والشاعر المتألق.. إبراهيم خليفة حمدان.. الذي بزغ نجمه من أسرة قرآنية مباركة وترعرع بين جنبات واحة كتاب الله الكريم.. وشب على كريم الخصال.. غالباً ما يبهرني هذا الشاب بكلمات شعره.. فعندما يتواصل معي يتواصل بمشاعره وأحاسيسه فيعيش الموقف بكامله.. الشيخ الشاعر إبراهيم.. أرسل لي هذا الشعر الجميل.. عندما كنا نتحدث عن حافظ القرآن الشاب مروان خالد الحمر رحمه الله.. الذي توفي في حادث أليم مع صاحبه عبدالحميد الشيخ رحمهما الله في 27 فبراير 2008.. يقول إبراهيم حمدان:
كأنك بين الحشى ما اغتربت
ونحن كأنا لفي الغربة
ولا زال صوتك ينبض فينا
ووجهك يشرق بالبسمة
أمروان علمتنا جيدا
بأنك طين من الجنة
إلهي فلم لنا شملنا
بيوم التشتت والفرقة
بيوم المنابر والارتقاء
وحمد الإله على الرحمة
إنه مروان الذي كتبت عنه سابقاً، ولن أمل الكتابة عنه يوماً أبداً ما حييت.. فقد توفي عن 18 عاماً.. ولكن كان فكره وعاطفته أكبر من هذا العمر.. كنت أخاطب أصحابي.. بأنه طينة من الجنة بسجايا أخلاقه.. ورقة مشاعره.. وفاء واحترام.. وتعلق برب البريات.. ما إن يحس بأنه قد أخطأ في حقك.. أو قد «زعلت» من كلمة ما قالها.. إلا وسارع إليك تقديراً واحتراماً بالاعتذار والتأكد من صفاء النفوس.. لا أقوى أن أواصل في سرد المزيد.. لأن مروان بالفعل شخصية حلوة.. وقد أبدع الحمدان في وصفها في كلمات معدودة.. اللهم اجمعنا به في مستقر رحمتك.
* يخاطبني البعض.. لماذا تصر على فتح ميادين متجددة في ميدان عملك؟ ألا يكفي بأن تعمل الأعمال المطلوبة منك فقط، ولا ترهق نفسك بأعمال إضافية هي أصلا غير مطلوبة منك؟؟ أجبته بكل تقدير.. بأن الذي يرضى بأن يظل حبيس عمله الروتيني، ويقدم لمسؤوليه وأرباب عمله سواء كان الرسمي أو التطوعي «الروتين التقليدي للعمل».. فهو إنسان «عادي جدا» لا تهمه قيم الإبداع والتغيير والتجديد، وعندما يرحل لن تكتب آثاره في سطور العطاء.. الجميل أنك كلما تغير ميدان عملك، كلما استطعت أن تفجر الطاقات والقدرات والأفكار المبدعة.. لأنها الفرصة المواتية لتثبت للجميع بأن الإبداع والتغيير ليس مرتبطا بعمل ما.. بل هو أصالة متجددة في كل الأعمال.. المبدع هو من استطاع أن يقدم الجديد في كل لحظة في مجال عمله.. فلا يظل مكتوف اليدين ينتظر الأوامر لكي يعمل.. أو أن تراه يرسل موجات النقد المتكرر.. وهو في الوقت ذاته غير قادر على صنع فكرة جديدة واحدة!! المبادرة واستثمار الفرص وصنع الجديد وترك الجدال العقيم هو المبدأ الراسخ في حياتنا.
* اتفقت مع رفقاء دربي أن نضع عنواناً لكل شهر، نسعى لبث مضامينه لكل الناس.. فكانت السعادة العنوان الأبرز لهذا الشهر.. ولا أخفيكم سراً.. فقد اكتشفت ينابيع من الإبداع تتفجر هنا وهناك من صحبتي الجميلة.. ليرسم كل فرد معاني السعادة بطريقته الخاصة.. هي السعادة التي تستطيع من خلالها أن تغير نمط حياتك وتعيدها إلى جادة الصواب كلما حادت عن الطريق.. اتفقنا بأن العطاء من أجل الآخرين وتكريس حياتنا في خدمتهم.. والعطاء الذي لا ينتظر المقابل.. هو قمة السعادة التي نبتغيها..
* لم يستوعب صاحبي بعد الدرس الذي تعلمه في يوم ما.. فهو مازال يعيش في دوامة من الجحود الأخوي لأناس لهم فضل كبير عليه.. لم يستوعبه جيداً وظل يتكلم عن المحبة والأخوة المبهرجة، دون أن تكون له لمسات واقعية في ميدان الحياة.. صاحبنا ظل يندب حظه لأنه أخطأ يوما ما في حق من يحب.. وعندما استفاق من غفلته.. وجد قطار الأخوة قد فاته.. لأنه جحد بأبسط معاني الوفاء والحب الذي جمعاه من يحبه وساهم في تنشئته..
* هل بالفعل أصبحنا نعيش في عالم «الواتساب» الافتراضي؟؟ هل أضحت علاقاتنا مجرد «صباح الخير» و»مساء الخير» ودعوة للزواج، وتبليغ عن جنازة.. وبرودكاست طويل يشرح حالة النفوس.. وأخبار متضاربة مفبركة.. ولوحات كاذبة.. وأنس بحروف مكتوبة مرتبطة باسم صاحبها ليس لها مصداقية كالوصال الحقيقي..!! هل هو واقع بالفعل أرغمنا على أن نكون أحد رواده؟؟ تنتابني حالة من الاستغراب لهذا الوضع.. لأني أحد أفراده.. قد أقصر في واقع الوصال.. ولكني قد أحاول مراراً وتكراراً أن أخرج هذا القالب عن جموده لكني حقيقة لم أستطع.. وصلت إلى قناعة بأننا أصبحنا من ديار «الواتساب»، ومن رواد البيوت.. ومن صناع الاعتذارات.. اشتقنا لوصال القلوب ولمة الأجساد وقبلات المحبة.. علها تعود يوماً..