الرأي

لا عزاء للمولولين؟!

في الصميم



غضب وصراخ ولطم وعويل، وقلة أدب وسفالة ما بعدها من سفالة، كل هذا وأكثر أحدثها برنامج «العربية» «الصندوق الأسود لأزمة فبراير- البحرين»، وأقول قولي هذا، وأنا أستمع مستمتعاً لمن يولولون ويصرخون كالنساء، على قدر الألم.
لكن لا عزاء للمولولين..
لقد استدعوا كل الألفاظ الساقطة والنابية والسوقية في الحركات المهزومة وأعادوا إنتاجه، ليعيدوا الرمزية والشعبية لـ «حسن مشيمع» ورفاقه، التي سقطت إثر اعترافه وبالحرف أن إعلان الجمهورية كان خطأ واضحاً مبدياً استعداده للاعتذار للناس عن هذا الخطأ بالقول: «لقد كان خطأ واضحاً، ومستعد للاعتذار للناس عنه، بمنأى ماذا يعتقد الآخرون إلا أنني اقتنعت تماماً أنه كان خطأ واضحاً».
من بينهم من وصف البرنامج بـ «الفاشل»، ومنهم من اعتبره يعكس «حالة تسافل وإفلاس»، وآخرون اعتبروا اعترافات «الرموز» «ملفقة على غرار الكاميرا الخفية»، والسؤال القاتل الذي «يسدح» نفسه: لماذا كل هذا الصراخ والعويل إذا كان البرنامج فاشلاً؟؟
وسؤالي الآخر لـ «حسن مشيمع»: ولو يا زلمة، لك عين تتكلم، أين أنت يا حمرة الخجل؟!
المفاجأة كانت من جذورها في تصريح مشيمع نفسه، فقد لف ودار، وهذر وثرثر، دون أن ينكر أو ينفي اعترافاته التي قالها في البرنامج وإقراره بذنبه والجرم الذي ارتكبه بإعلان الجمهورية، حاول أن يمارس أسلوب جحا، الذي سئل يوماً عن أذنه؟ فحرك يده اليمنى وراء ظهره ليمسك أذنه اليسرى ويقول ها هي.
العارف لا يعرف، ومشيمع يعرف جيداً وبقرارة نفسه وأيضاً باقي «الرموز» أن ما ذكره في برنامج «العربية» صحيح، وهو أقل بكثير مما قالوه أثناء التحقيق والخافي أعظم، وكذلك تعلم جماعتهم المقربون منهم هذه الحقيقة.
كانوا متخيلين أن اعترافاتهم تلك ستشفع لهم في القضية وقد تساعد في تخفيف التهم عنهم، وقد تحرك المياه الراكدة، وتضخ الحياه من جديد في الحوار، لكن لا حوار مع شوية خونة ولمن أعلنوا الجمهورية، وتآمروا على هذه الأرض، وكمنوا لهذا الشعب وأرادوا به السوء، وإن بدا البعض منهم الآن ينفض يده عنهم، فذلك بعد أن شاهد أيادي دولة القانون وهي تضرب بقوة كل من يعبث بأمن وسلامة البلد، وهي الأيادي التي أذلت أكبر شنب فيهم.
بيت القصيد، أن مشيمع حاول أن يلملم أشلاء شعبيته وزعامته التي بعثرت على الطرقات بفعل اعترافاته الصريحة والواضحة، فحاول في خطابه والذي استعان بقاموس البذاءة والمفردات المنحطة أثناء كتابته، على أمل أن يخلق حالة تأثير يعيد إليه مؤيديه.
منطق القانون يقول، إن الاعتراف سيد الأدلة، بتقولي الاعترافات تمت تحت التعذيب، أجيبك: كلامك فاضي وغير مقبول ولا يسوي عندي قشر بصلة، بدليل أن بيانك الذي صدر مؤخراً بعد البرنامج بأقل من 48 ساعة، تناول الكثير من الألفاظ الخارجة والبذيئة ضد مؤسسات الدولة السيادية، ومع ذلك لم ينالك لا تعذيب ولا غيره، وأنت وغيرك يعلم ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للجميع.
الغريب في الأمر، أن مشيمع وحده من تكلم، أما «الأستاذ» عبدالوهاب حسين و»المقدادين» فلم يعلق أي منهما أو ينكرا ما ذكر في البرنامج، الم تلاحظوا هذا الشيء؟
وكأنهم يقرون داخل أنفسهم بحقيقة ما ذكرته «العربية» وأن الإنكار لن يفيد، وبالتالي لا داعي لممارسة مسرحية الكذب على الشارع واستغفال الناس مرة أخرى.
الأمر الآخر الغريب، هو موقف الناس البسطاء، المضحوك عليهم، لغباء البعض منهم، ولسذاجة البعض الآخر، هل ما زال لديكم شك؟ وماذا تنتظرون، هل تنتظرون صاعقة، كصاعقة عاد وثمود، حتى تتأكدوا من أنهم ليسوا بـ «الرموز» وأنهم لا يستحقون أن يكونوا كذلك؟!
ما الدليل الذي تحتاجونه أكبر من دليل اعترافاتهم حتي تقتنعوا بأنكم مجرد ترس في لعبة؟
ليس الاعتراف بالخطأ جريمة، تماماً كما فعل مشيمع بل واعتذر أيضاً، لكن الجريمة إصرارك على خطئك، وإن كان إصرارك على الخطأ جريمة بحق نفسك، فالأعظم منها جرمك بحق بلدك والآخرين.