«هذا حسينوه وهذه خلاقينه»
في الصميم
الثلاثاء 01 / 03 / 2016
لا تحاول أن تسأل أحداً وأنت مستغرب ومندهش، كيف يمكن أن تدين بالولاء لآخر بخلاف ولائك لقيادتك، أو تنتمي لوطن آخر بخلاف وطنك الذي نشأت وتربيت وعشت في كنفه، ولا تحاول أن تسأله ما هو المقابل الذي جعلك تبيع أرضك أو يدفعك للإجهاز على وطنك أو بعض من أبنائه حتى لو كان ذلك البعض يخالفك في المذهب وليس في الدين، رغم أن هذه الأفعال وفي العرف العام والمصطلح السائد تسمى «خائن»، ولكن إياك ثم إياك أن تفقد عقلك فتفتح موضوع التصرفات القذرة للخونة، لأن الهجوم سيأتيك من كل المنافقين والمتسلقين والراقصين على كل الحبال وسيتهمونك بالطائفية.
نصيحة خذها مني من غير فلوس، إياك أن تلتفت لهؤلاء، ولا تدعهم يهزون شعرة من رأسك، فنحن في معركة، ليس أمامنا خيار ثانٍ، والمعارك لا تحب المتحذلقين ولا المتفلسفين ولا المنافقين، بل أصحاب القلب الميت، الذين لا يملكون سوى القلم والكلمة الحرة للدفاع عن هذا الوطن، وصدقني وكما يقول الأفرنجة، المحك الحاسم هو القدرة على الوقوف في وجه الرياح!!
الزميل محمد العرب، أرفع لك القبعة، سواء اتفقت أو اختلفت معك، أحببتك أو أبغضتك، لكن هذا لا يمنع أن أشيد بالبرنامج الذي قدمته على قناة العربية «السعودية» تحت عنوان «الصندوق الأسود لأزمة فبراير- البحرين»، فقد نجحت فيما فشلنا فيه نحن.
كنت أستمع إلى اعترافات القيادات أو ما يسمي بـ «الرموز السياسية» حسن مشيمع، محمد المقداد، عبدالوهاب حسين وعبدالجليل المقداد، وأطلق ضحكات شريرة متقطعة وسط الحزن والأسي، متخيلاً خيبة أمل أولئك المخدوعين والمغفلين وهم يستمعون لاعترافات «الرموز السياسية» والذين قفزوا من المركب للنجاة بأنفسهم لحظة اشتداد قبضة دولة القانون، وتركوا المركب تغرق بهم.
هل عرفتم حقيقة «الرموز»؟
«هذا حسينوه وهذه خلاقينه»، أن أشهد بأنه كفى ووفى «وطلع اللي في بطنه كله» كشف تفاصيل اجتماعاته في لندن مع قيادات من «حزب الدعوة» العراقي بترتيب من سعيد الشهابي داخل مؤسسة «الأبرار» الإيرانية وترتيبات لقائه بقيادات «حزب الله» في بيروت التي غادر إليها قبل أن يصل إلى البحرين في فبراير 2011.
كما يعترف مشيمع أنه نقل آراء زعيم «حزب الله» الإرهابي حسن نصر الله إلى جمعية الوفاق وتيار الوفاء فقط بدون باقي الجمعيات المعارضة، ويقول: «إن نصر الله طلب منه أن يتم التنسيق مع باقي الجمعيات السياسية، ويصف الأحداث بالفرصة بالنسبة لهم».
«ملحوظة: سبق أن ذكرت تلك التفاصيل في كتابي «مؤامرة ولاية الفقيه» الذي صدر إبان الأزمة بمعية الزميل خالد هجرس».
كما اعترف مشيمع وبالحرف أن إعلان الجمهورية كان خطأ واضحاً مبدياً استعداده للاعتذار للناس عن هذا الخطأ بالقول «لقد كان خطأ واضحاً، ومستعد للاعتذار للناس عنه، بمنأى ماذا يعتقد الآخرون إلا أنني اقتنعت تماماً أنه كان خطأ واضحاً»، ومن الواضح من أقواله وهيئته والصورة التي ظهر عليها على قناة العربية، أنه يتمتع بكامل قواه العقلية، ويبدو من المظهر العام بأنه لم يتعرض لأي أنواع من الضغط، أما اللحظة التي شدتني فيها، فهي لحظة إرساله ابتسامة للمشاهدين، وكأنه رسالة لجماعته يريد أن يقول لهم فيها: «حبطل السياسة وأكون إنساناً جديداً ... إيهههههههه».
كما عرض البرنامج اعترافات باقي «الرموز السياسية» في خلية الجمهورية من بينهم محمد المقداد، والذي أقر بوجود تنسيق مع شخصيات من الكويت أبرزهم علي المتروك وصالح عاشور وعدنان عبدالصمد بتنسيق مع مدير مكتب حسن نصر الله المعروف باسم حسن حمادة، ويكشف عن أنهم قد عرضوا عليه المال والسلاح، ومن باب «التقية السياسية» قال المقداد، إن مصطلح إسقاط النظام هو مصطلح مستورد دون مضمون ولا فهم له بحكم الأوضاع التي كانت تشهدها المنطقة في عام 2011.
أما «الاستاااااذ» عبدالوهاب حسين فقد «خلط الحابل بالنابل»، وأوقع الجميع في ورطة، اعترف بأنه حصل على فتوى من خامنئي تدعم تحركه الانقلابي إلى جانب فتاوى من عيسى قاسم صاحب مقولة «اسحقوهم» وعبدالله الغريفي، وشدد على أن إسقاط النظام كان خياراً خاطئاً وأنه كان يجب الذهاب إلى خيار الإصلاح والحوار والحفاظ عليه من أجل الخروج منه بأفضل النتائج.
وأخيراً - وأتمنى على الزميل العرب - ليس آخراً، جاء الدور على العضو الأخير في خلية «الجمهورية» عبدالجليل المقداد الذي اعترف أنه كان يرسل نحو نصف مليون دولار سنوياً إلى العراق وإيران كأموال الخمس عن طريق تحويلات بنكية عن طريق بنك «المستقبل» أو خلال مواسم الزيارات.
والآن وقبل أن أتدلى من مقالي هذا، أقول لك عزيزي القارئ الكريم، لا تظن أن الحكمة الشعبية كانت عابثة عندما أجرت على لسان مواطن بسيط قولها الأثير: «الأدب حلو».