الرأي

استراتيجية وأولويات أمنية جديدة

نظــــــرات


كثيرة هي الإجراءات والخطوات التي تم اتخاذها لتحصين الجبهة الداخلية البحرينية أمام تحديات الجماعات الثيوقراطية الراديكالية وإرهابها منذ 2011، ولكنها قليلة للغاية تلك الإجراءات التي مست قلب هذه الجماعات ومصادر قوتها الرئيسة. وبالتالي فإن تحدي الجماعات الثيوقراطية الراديكالية مازال قائماً، فلدينا جماعات ثيوقراطية راديكالية شيعية وأخرى سنية، وعلى الدولة مواجهة هذه الجماعات على السواء دون استثناء أو تردد لأن الإرهاب لم يكن في يوم سنياً أم شيعياً، بل هو سلوك عنيف مرفوض نابع من أيديولوجيا متطرفة.
شخصيات وكوادر دينية وسياسية تورطت في أعمال معادية للدولة سواءً بتشويه السمعة أو التخابر مع الخارج، أو تمويل الإرهاب، أو استغلال المال الديني والسياسي، وجميعها تمت مساءلته قانونياً وكثير منها تمت معاقبته لمخالفته القانون، بالإضافة إلى إسقاط الجنسية عن عدد منهم فلا شرف للجنسية لمن لا يقدر وطنه ويسعى لهدمه.
استهداف هذه الشخصيات كان مجدياً خلال السنوات الماضية، ولكن الوضع اختلف الآن وباتت الحاجة ماسة لاستهداف منظومة الجماعات الثيوقراطية الراديكالية من حيث أيديولوجياتها، أو مصادر تمويلها وحركة المال السياسي، بالإضافة إلى استهداف المقار التي تعمل تحت غطاءها سواءً كانت مؤسسات دينية أم مؤسسات المجتمع المدني، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لقطع العلاقات بينها وبين القوى الداعمة لها في الخارج.
وزير الداخلية أعلن بالأمس عن إستراتيجية أمنية جديدة تعتمد على العمل الاستباقي بالشراكة مع الأجهزة الحكومية المعنية، بالإضافة إلى اتخاذ خمس خطوات هامة، الأولى تتعلق بالرقابة على حركة المال السياسي والديني في إطار مكافحة تمويل الإرهاب، والثانية ضبط سفر المواطنين الشباب إلى الخارج نحو الدول غير الآمنة، حيث يتم استغلال الشباب وتجنيدهم سياسياً وعسكرياً للقيام بأعمال الإرهاب في البلاد.
أيضاً تشمل إجراءات الإستراتيجية الأمنية التي أعلن عنها وزير الداخلية حماية المنبر الديني من التطرف والتحريض. ووضع ضوابط لمنع تسييس الشعائر الدينية ومنع استغلالها من قبل مختلف الجماعات. والإجراء الخامس هو مكافحة الفساد حفاظاً على المال العام.
الاستراتيجية الأمنية الجديدة طموحة، ولا يمكن تحقيقها إلا بالتعاون والشراكة بين مختلف أجهزة الدولة وسلطاتها الثلاث، فضلاً عن دور هام لمؤسسات المجتمع المدني والمواطنين والمقيمين أنفسهم.
من الواضح أن هناك جدية لدى المسؤولين عن الأمن، وهي مسؤولية يجب أن تقابلها نفس الجدية من قبل مختلف المسؤولين، فلا عبث أو تلكؤ في مسائل الأمن، ولا استقرار بدون مخالب.