الرأي

ماذا عن تحصين الجبهات الداخلية؟

نظــــــرات


في الوقت الذي تستعد فيه جيوش 20 دولة إسلامية للمشاركة في مناورات «رعد الشمال»، وهي المناورات العسكرية الأضخم التي تشهدها المنطقة، مازالت الدول الخليجية والعربية والإسلامية بحاجة ماسة إلى حسم الاختراقات المستمرة للحكومات والمنظمات الأجنبية، فضلاً عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية لهذه الدول تحت مسميات متعددة «تدريب، تبادل خبرات، نقل الكفاءات.. إلخ».
التحديات الداخلية التي تواجهها هذه الدول نتيجة وجود جماعات ثيوقراطية راديكالية مستمرة، ومخطئ من يظن غير ذلك، فحتى لو تراجعت أعمال الإرهاب وعاد الأمن نسبياً، ومازالت هذه الجماعات مستمرة، فإنها الخطورة الأكبر.
الدول الخليجية والعربية إذا استمرت بالتساهل مع مثل هذه الجماعات ولم تحسم موقفها تجاهها. فإنها أمام جبهتين مستقبلاً، وستكون المواجهة قريبة للغاية، حيث توجد الجبهة الأولى في الدول التي استوطنتها هذه الجماعات مثل العراق وسوريا واليمن، والجبهة الثانية وهي الداخلية في داخل مجتمعاتنا.
بقاء الجماعات الثيوقراطية الراديكالية دون حسم في طريقة التعامل الرسمي معها يتيح لها المجال والفرصة للعودة مجدداً من حالة الكمون إلى مرحلة النشاط والعودة للنشاط الراديكالي بإرهابه المتطرف.
يرتبط بهذه المسألة استمرار من يحاول تشويه سمعة الدول والحكومات والمكتسبات ويبث الكراهية، ويحرض على التمرد والإرهاب والخروج على القانون. هؤلاء مازالوا يعملون تحت ستار «حرية التعبير» وأحياناً أخرى تحت ستار «حقوق الإنسان».
أيضاً مازالت أموال هذه الجماعات تنتقل من بلد لآخر، تحت غطاء المال الديني «الخُمس» أو تحت غطاء المال الخيري «التبرعات»، ولا توجد ضوابط أو أنظمة صارمة قادرة على ضبط دورة المال الذي يتحول للإرهاب باسم الدين. إحدى الجماعات الثيوقراطية الراديكالية التي تمت تصفيتها حسب القانون في البحرين مازال نشاطها مستمراً، وهي لديها ميزانية تزيد على 13 ألف دولار شهرياً تستخدمها لكسب الولاءات وإدارة اتجاهات الرأي العام والأعمال المشبوهة داخل المملكة، ومثل هذا النموذج وغيره كثير، لا يمكن السكوت إزاءه في هذه الظروف الدقيقة والمتوترة إقليمياً، والصعبة اقتصادياً داخلياً.
عادة عندما تخوض الدول الحروب أو تشارك في عمليات عسكرية واسعة النطاق، فإنها تتخذ إجراءات داخلية صارمة إزاء أي جماعات ثيوقراطية راديكالية تحاول المساس بالأمن والاستقرار، أو عندما تكون لمثل هذه الجماعات أجندة سياسية واضحة كالتي موجودة في الدول الخليجية والعربية. مشاركات البحرين العسكرية في الخارج مع الحلفاء بقيادة الرياض مهمة للغاية، ولكن تحصين وتأمين الجبهة الداخلية لا تقل أهمية عن المطلب الأول.